الشبيب: «التمييز» يهدد السلم الاجتماعي.. ويجب التصدي له بـ «المواطنة»
حذّر الكاتب بدر الشبيب من تفشي ظواهر التمييز في المجتمعات العربية، «إذ إنها تهدد الأمن والسلم الاجتماعي»، مطالباً بضرورة «وجود إجراءات وطنية وإقليمية لمناهضته، عبر إيجاد ثقافة مضادة تؤكد أهمية المساواة وتعزيز المواطنة بين الأفراد».
وأوضح الشبيب، في محاضرة له في منتدى الثلثاء الثقافي بالقطيف، الثلثاء الماضي، بعنوان: «تجارب عالمية في مناهضة التمييز» أن التمييز «له آثار تؤدي إلى إضعاف الاعتراف بحقوق الإنسان»، مشيراً إلى أن من أسبابه «الشعور بالتفوق والأفضلية، وتحول هذا الأمر إلى ثقافة متفشية بين الأوساط المجتمعية»، منوهاً أن تضخم هذه القضايا «نتيجة متوقعة؛ بسبب تأخر الحكومات عن الاستجابة لمطالب الأقليات والفئات التي تشعر بوقوع تمييز عليها».
واستعرض الشبيب أربع تجارب للتميز، وهي التجربة الكردية في تركيا وجنوب السودان وجنوب أفريقيا والسود في أميركا. وذكر أن الأكراد «تعرضوا لمحاولة طمس هويتهم منذ قدوم كمال الدين أتاتورك، وهو ما أدى إلى اندلاع ثورة تطالب بإقامة منطقة كردية في تركيا ذات حكم ذاتي، ثم ارتفع سقف إلى المطالبة بالانفصال عن الدولة التركية، وهو ما حوّل المطالب لاحقاً إلى حركة مسلحة، ودفع الدولة لإصدار قوانين بعنوان: «الحفاظ على الأمن»، وتم تدمير العديد من القرى وإعدام مجموعة كبيرة من القيادات الكردية، كما تم ترحيل وتهجير مئات الآلاف من الأكراد لمناطق مختلفة».
أما عن التمييز في جنوب السودان، فقال: «خسرت السودان بعد الانفصال نحو 90 في المئة من وارداتها النفطية وربع مساحتها الإجمالية، وجاء ذلك بعد أن تم تعريب الجنوب بالقوة، وهو ما قوبل بممانعة أدت إلى تدهور الوضع الداخلي منذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي، وهو ما فتح المجال أمام تدخلات خارجية وتطور الوضع لإعطاء الجنوبيين نوعاً من الاستقلال الذاتي وتقاسم السلطة والثروة، ثم تم إجراء استفتاء شعبي نتج منه تصويت كبير لمصلحة الانفصال، في ظل غياب عربي عن هذه المسألة».
فيما اعتبر أن الممارسات التي كانت مورست ضد السود في جنوب أفريقيا، «كالفصل العنصري الذي استمر 100 عام، وسن قوانين تحابي البيض ضد السود، وحظر الزيجات المختلطة، دفعت نحو إيجاد ضغط دولي لتغيير هذا الواقع، بخاصة بعد نشوء رابطة شبابية ركزت على المقاومة السلمية منذ الأربعينات، وهو ما نتج منها إيجاد حل أنهى أشكال العنصرية والتمييز كافة».
وذكر أن أميركا انتصرت على ذاتها، «بعد أن استطاعت أن تتغلب على الوضع القائم، بعد عقود من التمييز ضد السود»، منوهاً أن هذا التميز «دفع السود إلى تأسيس مؤسسات خرجت العديد من الكفاءات من بينهم محامون أسهموا في مواجهة القوانين العنصرية»، لافتاً في الوقت ذاته، «أن تجربتهم تأكد ضرورة الاهتمام بالعمل المؤسساتي، وتراكم النجاحات الفردية».