التوجيه بالحب
#التوجيه_بالحب
يذكر المختصون أن هناك ثلاثة اتجاهات رئيسية في تعديل #السلوك ، وهي:
1- الاتجاه السلوكي:
يقوم على فكرة أن سلوك الفرد ليس عَرَضًا، وإنما هو مشكلة بحد ذاته، وأنه يجب التعامل معه وفهمه وتحليله وقياسه ودراسته ووضع أفضل الإجراءات للتعامل معه حسب أوقات وأماكن حدوثه وأنه يمكن التحكم فيه عن طريق التحكم في المثيرات التي تحدثه وفي النتائج المترتبة عليه، ويعتمد هذا الاتجاه على قوانين تعديل السلوك مثل التعزيز والنمذجة وضبط الذات.
2- الاتجاه المعرفي:
يرى بأن سلوك الفرد ليس ناتجاً عن تفاعل بين المثيرات البيئية والفرد فقط، وأن استجابات الفرد ليس مجرد ردود أفعال على مثيرات بيئية وإنما هناك عوامل معرفية لدى الفرد قد تكون مسؤولة عن سلوكياته مثل ثقافته ومفهومه عن ذاته وخبراته وطرق تربيته وتنشئته وطرق تفكيره عقلانية كانت أم غير عقلانية وعلى مدى تفاعل حديثه الداخل مع بناءاته المعرفية وطرق اكتسابه لتعلم السلوك الخاطئ.
يرى أن السلوك البشري يتعلمه الطالب بالتقليد أو المحاكاة أو النمذجة، وأن معظم السلوكيات الصحيحة والخاطئة هي سلوكيات متعلمة من بيئة الفرد، وصاحب هذا الاتجاه هو ألبرت بندورا صاحب مدرسة التعلم الاجتماعي.
وبعيدا عن التنظير السابق، سنذكر هنا بعض التطبيقات السلوكية النموذجية التي استطاعت أن تؤسس لما يمكن أن نسميه التوجيه بالحب، حيث تمكنت من قلب المعادلة رأسا على عقب، وأحدثت تغييرا جذريا في الآخر نقله من عالم الكراهية إلى عالم الحب.
الموقف الأول: قال ابن هشام
حدثني بعض أهل العلم: أن فضالة بن عمير بن الملوح الليثي أراد قتل رسول الله ، وهو يطوف بالبيت عام الفتح؛ فلما دنا منه قال رسول الله : أفضالة؟. قال : نعم.
قال: ماذا كنت تحدث به نفسك؟
قال: لا شيء، كنت أذكر الله. فضحك رسول الله ثم قال:استغفِر الله. ثم وضع يده على صدره فسكن. وكان فضالة يقول : والله ما رفع يده عن صدري حتى ما خلق شيء أحب إلي منه.
الموقف الثاني:
روى المبرد وابن عائشة أن شاميا رأى الإمام الحسن راكبا فجعل يلعنه والحسن لا يرد، فلما فرغ أقبل الحسن (عليه السلام) فسلم عليه وضحك، فقال : أيها الشيخ أظنك غريبا ولعلك شبهت ، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا أحملناك، وإن كنت جائعا أشبعناك، وإن كنت عريانا كسوناك، وإن كنت محتاجا أغنيناك، وإن كنت طريدا آويناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حركت رحلك إلينا وكنت ضيفا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك، لأن لنا موضعا وجاها عريضا ومالا كثيرا.
فلما سمع الرجل كلامه بكى، ثم قال : أشهد أنك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته، وكنت وأبوك أبغض خلق الله إلي، والآن أنت أحب خلق الله إلي، وحوَّل رحله إليه، وكان ضيفه إلى أن ارتحل وصار معتقدا لمحبتهم.
الموقف الثالث:
قال نصراني للإمام محمد الباقر : أنت بقر؟ قال: لا أنا باقر، قال: أنت ابن الطباخة؟ قال: ذاك حرفتها قال: أنت ابن السوداء الزنجية البذيَّة؟ قال: إن كنت صدقت غفر الله لها وإن كنت كذبت غفر الله لك. فأسلم النصراني.
فلنتعلم من هذه النماذج الرائعة كيف نُعَدِّل سلوكيات الآخرين السلبية إلى أخرى إيجابية عن طريق التوجيه بالحب.
دمتم بحب .. جمعة مباركة .. أحبكم جميعا.