منارة الكون
توردت في جِنانِ القُدسِ ساحتُهُ
وأينعت مِن كمال الحُسنِ واحتُهُ
واخضر من عبقٍ بالأرضِ كل مدىً
والكون ضاء وقد ضائت منارتُهُ
ومال غُصنُ الندى يزهو به فرحٌ
واختلّٓ مُطرباً بالأُنس ثابتُهُ
لما بِمكةَ مال البيت مُنحنياً
مولياً شطر ذاك البيت سادتَهُ
في ثغرِ جبريلَ آياتٌ يتمتِمُها
يحكي لطه وقد بانت بِشارتُهُ
وراح يُسمِعُ بالآفاقِ صَوتُ صَدىً
مِن السماء وترتيلاً تِلاوتُهُ
ورُتِّلت في المدى الآيات يتبعُها
شِعرٌ يَجُر بإعجازٍ كِنايتٓهُ
هديةُ اللِه إسعاداً لمرسله
لطفٌ يشُدُّ على الآهاتِ راحتَهُ
أعطى بها اللهُ للمبعوثِ كوثَرهُ
وباء بالخزي بالإبتارِ ناعتُهُ
ما كان فضلٌ من الرحمنِ أنزلهُ
إلا وحازت بإتمامٍ نهايتٓهُ
سلالةٌ الوحي أم الدين ما بَرِحَت
في كفِّ أبنائِها تهتز رايتُهُ
كف ٌمن الغيب مُدَّت كي يُشادَ بِها
تُشاطِرُ الوحيَ والتنزيل غايتَهُ
أم الأئمةِ زوجُ الليث أمُّ أبٍ
تعلو على أعظَمِ الأفلاك قامَتُهُ
في ليلة الجود فاض اللُطف فامتلأت
مِنهُ السماءُ وكان الأرض دانَتُهُ
فأشرَقَت والهُدى نورٌ يُجَلِّلُهُ
وجهٌ لها فازدهت بالأفقِ هالَتُهُ
روح النبي التي مابين أضلُعِهِ
ومنسمٌ مِن جِنانِ الخُلد واحتُهُ
مستودَعُ السِّر فيها اللُه أودَعَهُ
واللٌه يختارُ من يؤتي رِسالتَهُ
وواحةُ من جنان الله ما زُرِعت
إلا وطاب من الإخصابِ نابتُهُ
فأنجَبَت للورى قوماً إذا ذُكروا
أحنى لهم من يُريدُ الله هَامَتَهُ
نهايةُ الفخر نالت كلَّ مفخرةٍ
وكُلُّ فيضٍ بَدى كانت بِدايتَهُ
حوريةٌ لم تزل بالأرض مذ قُطِفَت
ومدَّ طه إلى جبريل راحتٓهُ
يكفي بربك أن الرُسل خاتِمُهم
من نسلِ فاطمةٍ كانت سُلالتٓهُ
طابت وطاب الذي في أصلهِ نسبٌ
من نَسلها شرفاً كانت نهايتُهُ
ذريةٌ لم تزل للفخرِ متكئً
والفرعُ للأصلِ مهما طال نابِتُهُ
والوردُ لولا تمامُ الطيب ما أُخذت
منه العطور وما طابت صِناعتُهُ
صلى عليها المدى ما مال راكِعُهُ
ومد كفيهِ للرحمنِ قانِتُهُ
وسبح الله بالأسحارِ أيُّ فمٍ
وَثَمَّ مِن مُخلِصٍ للهِ طاعَتُهُ