أنت سيء السمعة.. فابتسم ولا تقلق
يحكى أن « جحا » ذات يومٍ كان مع ابنه يمتطون حمارهم، فمروا بجماعةٍ، فقالوا: انظروا يا لقسوة هذا الأب وابنه يمتطون الحمار سوياً، أين الرفق؟ سمعهم « جحا » فأنزل ابنه، وامتطى « جحا » ظهر حماره، فمروا بجماعةٍ أخرى، فقالوا: انظروا قساوة الأب يمتطي الحمار بينما ابنه مترجلاً، سمعهم « جحا » فنزل عن ظهر حماره وأركب ابنه، فمروا بجماعةٍ أخرى، فقالوا: انظروا كم هذا الابن عاقاً يمتطي ظهر الحمار بينما والده مترجلاً، سمعهم « جحا » فأنزل ابنه وقام بمعية ابنه وحملا الحمار على ظهريهما، فمروا بجماعةٍ أخرى، فقالوا بضحكاتٍ عاليةٍ يشوبها التهكم: يا لهؤلاء الحمقى يحملون حمارهم وهو المسخر لحملهم وخدمتهم.
يُقال في المثل الشعبي: « رضا الناس غاية لا تدرك »، إن المجتمع في بعض جزئياته التركيبية ينحني باتجاه اشتهاء النقد ليكون مجتمعاً ناقداً لذاتية النقد ليس إلا، إشباع رغبةٍ عارمةٍ تسعى إلى تسقيط الآخر، الآخر الذي يتكبد المشقة في إبراز الخير خيراً جميلاً بكل ألونه واتجاهاته.
إنه نقد لا يتسم بأخلاقيات النقد ولا مهنيته ويتعدى من كونه نقداً إلى كونه إساءة السمعة للآخر ظناً بأنه يمارس النقد بهدف الرقي والتطور، ربما يصدق تسميته بالجهل المركب، كم أعجبني تعريف أحدهم للجهل المركب حيث قال: « الجهل المركب يعني أنك غبي ولا تعلم بأنك غبي ».
أن تكون فرداً صالحاً ذو مبادئ وقيمٍ تتبناها كمرجعيةٍ تمارس من خلالها العمل الاجتماعي، فينبغي عليك امتلاك صبرٍ كبيرٍ وتكون « ريلكس » وتضع قلبك في قالب ثلجٍ كي تستمر، فإن سوق النخاسين الاجتماعيين في ذروتها وقد ارتفعت أسهمها بوجود قنوات التواصل الاجتماعي وكثرت العدسات بنوعيها كانون ونيكون.
حقيقة لا أجد مبرراً لاشتهاء البهرجة والأنانية حين يكتنفها البعض، طرب تختزنه لذة « أنا هنا شوفني ومدحني »، أأصبحنا لا نفقه أبجديات الإنسانية، أو على الأقل أن لا نعرف العيب، ونقف عنده.
همسة: « الرائعون الذائبون في خدمة مجتمعهم تساء سمعتهم من هذا وذاك، إساءة السمعة لكونك تخدم مجتمعك بكل الحب وكل العشق وسام شرفٍ على صدرك، فابتسم ولا تقلق ».