الأمل المشرق
عندما تنظر لهذه الأرض الطيبة، تأمل في الخير والعطاء لهذه الأم الحنون التي أعطت ولا زالت تغدق على أبنائها حبآ فياضآ. انها الواحة الغناء التي روت بماء عيونها القاصي والداني وضمت تحت ظل نخيلها كل من حل بها، وحوت تحت أجنحتها أهلها الطيّبين الذين تطبعوا بطباعها ونهلوا منها الأصالة والكرم. هذه صورة القطيف المشرقة التي لا تتغير عبر التاريخ. متحديةً كل أصناف الإقصاء والتهميش. رَغْم كل محاولات التشويه التي تطالها من أصحاب القلوب المريضة، والتي تسعى جاهدةً بأن تزج بإسم القطيف في أي عنوان يحمل معه خبرا سيئا او نعتا مشوها. كْي تطمس بذلك كل معالم الجمال فيها. ومن ثم يتبادر للمتلقي أن أسم القطيف لا يرتبط معه إلا الذكر المشين.
وقلما نجد عنوانا واحداً يثني على القطيف بأنصاف. ومن النادر ايضا أن نجد صوتا حراً متوازنا يتكلم بالمنطق بعيدآ عن كل أصناف التمييز العرقي والطائفي. فالبعض لا يحلو له نجاح وتفوق الاخرين. فيركز على جانب الشر، وإن كان شحيحا فيظهره. ويغمض عيناه عن جانب الخير الكثير الناصع فيخفيه. ومع كل ما سبق نقول إنها هي القطيف، كانت وستبقى رمزا للخير والحب والوفاء وأسما براقا لامعآ، وإن لم يرق ذَلِك للمبغضين.
إن من الواجب علينا جميعآ أن نستحضر دائما هذه الصورة المشرِّفة للقطيف في كل محافلنا. ولنذكّر بذلك أنفسنا أولا والأجيال الحاضرة والقادمة ايضا، ونغرس فيهم الصورة الجميلة والحسنة لهذه الأرض. ونبتعد قدر الإمكان عن طرح السلبيات، التي قد نشاهدها في بعض الزوايا، من مناظر تثير الألم والوجع أحيانا، كرؤية البساتين الخاوية والنخل المتهالك والتراث المهمل، وصورة الشباب العاطل، التي يجعل منها البعض شماعة يعلق عليها كل شيء. حتى لا يتملكنا الفشل والإحباط المتواصل.
فكل تلك المشاهد السابقة، لا تمثل الحكم العام للصورة الحسنة لهذه الأرض المباركة. فمن المعلوم أن كل ذلك كان نتاجا للإقصاء والإهمال المقصود لهذه المنطقة ولفترة طويلة من الزمن. والتي خلفت من ورائها هذه الحالة المتردية.
وبدلا من تلك الرؤية المتشائمة للواقع الحالي. ما علينا الا أن نحول بوصلتنا إلى النّاحية الأكثر إشراقا وإيجابية. وننظر إلى ما أخرجته بذور هذه الأرض من عقول عظيمة وقلوب كبيره وأرواح جميلة. التي أثمرت وأنتجت نجاحا وتفوقا وأبداعا في مجالات مختلفة ومتعددة. ودلائل ذَلِك ما تزخر به هذه التربة الطيبة من كوادر علمية وفكرية متفوقة، وسواعد للعمل مجتهدة، ومواهب فنية رائعة. وكل هذه الثروات البشرية من الطاقات المتحمسة قادرة على تحقيق أعلى الدرجات والوصول إلى أعلى المراكز المتقدمة في شتى القطاعات. ويكفينا فخرآ ان يشهد بنجاحاتنا القاصي والداني. فلا يخلو مكان ناجح في هذه البلاد إلا ووراء ذلك النجاح والتقدم، أبناء للقطيف حملوا العلم والعمل رسالة، تمثلت في الجد وإلاخلاص والنزاهة والشرف. وهم في شتى المجالات ناجحون متميزون وبارزون بإخلاصهم وتفانيهم في كل عمل يناط بهم. ولا غرابة ابدآ في ان تجدهم يعملون في أغلب المهن والحرف دون حرج لأنهم يجدون في العمل جهادا وكرامة. بل تعدت نجاحات وانجازات هؤلاء الشباب المتفوقون الى خارج الوطن.
وكما كان في الماضي رجالات ونسوه عظماء حملوا بداخلهم رسالات وأهداف وحققوا الإنجازات، وسطروا أروع ملاحم الصمود والثبات. فاليوم أيضا نجد الأحفاد يحملون الرسالة ذاتها. متمسكين بنفس الثوابت المستلهمة من المدرسة المحمدية الكبرى. التي أعطتنا زخما وقوة، في القدرة على مواصلة الطريق والإستمرار بكل ثقة وتحدي. حاملين أملآ يتفجر يوما بعد يوم في مسيرة البناء. ولن تؤثر فينا أي محاولات التثبيط في هدم تاريخنا المشرف وإيقاف عجلة تقدمنا، بل سيكون ذلك حافزا للإصرار، حتى وإن وقفت أمامنا حواجز وصعوبات تمنعنا من تحقيق ما نصبوا أليه، فأننا مستمرون بنفس روح العطاء حبآ للقطيف الجميلة.
ولو أتيحت الفرص وكان بأيدينا أن نحافظ على تراثنا وثروات أرضنا الحبيبة. لاستطعنا ذلك وبكل ثِقَة، ان نعيد ونعمر كل ما أختفى من ماضينا العريق كي تصبح القطيف واحة تراثية وحضارية.
وما نراه اليوم أمامنا من إبداعات تعج بِهَا القطيف في جميع المجالات العلمية والثقافية والتراثية ماهي ألا شاهد على ذلك. فلا يمر يوم إلا وللشباب الطموح أعمالا وأفكارا متنوعة ومبتكرة في إقامة المهرجانات والمنتديات والمسابقات والندوات والأمسيات الثقافية والدورات وغيرها. وهذا مؤشر واضح على أننا نملك طاقات بشرية ناجحة.
وختاما، حتى وإن جفت مياه هذه الأرض المباركة. ستبقى القطيف عزيزة بأهلها وناسها الطيبين.
والأنسان بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى هو من يعيد الحياة للأرض مجددا. عندما يحيي ما بداخله من أمل وطموح ويطرد اليأس والانهزام ويغير ذلك بنظرة تفاؤل تشعره بالعزة وإلانتصار.