أتنم شركاء في دمنا ما لم تجرموا تكفيرنا
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم وظالمي شيعتهم إلى يوم القيامة
رفضت الجماهير الساخطة دخول طاقم قناة الإخبارية الرسمية موقع الحدث لتغطية تلك الجريمة النكراء التي ذهب ضحيتها حتى كتابة هذه السطور أكثر من عشرين شهيدا وأربعين جريحا جراء عملية انتحارية جبانة استهدفت جموع المصلين بمسجد الإمام علي في القديح يوم الجمعة 3 شعبان 1436 هـ.
هذا الرفض يكشف عن مدى الاحتقان المعتمل في نفوس المواطنين الشيعة تجاه إعلام بلادهم الرسمي وشبه الرسمي وما يقوم به من تحريض وتعبئة ضدهم، ومن نافلة القول أن هذه الجريمة جاءت ظهيرة اليوم الذي اختتم فيه إمام جمعة الرياض خطبته بالتحريض على الشيعة، كما وجاءت بعد أيام من مقال تحريضي في جريدة اليوم التي تصدر في المنطقة الشرقية ذات الكثافة الشيعية العالية.
إن ما جرى من تفجير إرهابي بين جموع المصلين لم يكن حادثا عارضا وابن لحظته بل هو حادث تأسس على تعبئة تحريضية مستدامة ضد الشيعة تغذيها المناهج التعليمية سواء في المدارس أو الجامعات ويرسخها الإعلام المحلي من صحافة وقنوات وراديو، وجملة من البرامج الدينية كخطب الجمعة والمحاضرات والندوات والمؤتمرات، تحت مرأى ومسمع الجهات الرسمية دون أدنى اعتراض منها، بل بمباركة ودعم كبيرين.
هذا الانحدار الأخلاقي من السلوك الرسمي مع المكون الشيعي في البلاد المتمثل في إطلاق العنان لحملات التعبئة والتكفير والتحريض ضدهم، فوق كونه يعد استهتارا بأمن هذا المكون الاجتماعي، يعتبر في الحقيقة ممارسة غير مباشر لإبادة إنسانية قائمة على العنصرية الإثنية بحق احد مكونات المجتمع في البلاد، مما لا يبقى لها عذرا أمام الجريمة النكراء بحق شهداء الجمعة الدامي.
في العرف الاممي الحكومات هي المسئولة الأولى أمام الشرعة الدولية عن امن وحماية مجتمعها بمختلف تنوعاته ومكوناته العرقية والإثنية وغيرها، بل لا مبرر لوجودها ما لم تحقق الأمن والاستقرار للمجتمع، وان عدم تجريم التكفير والتحريض ضد الشيعة في هذه البلاد سيفهمه المجتمع إطلاق لعنان التكفير والتحريض وتواطأ على الإجرام بحقه وانتهاك حرماته ودمه، وهذا الشعور إذا ما استحكم في مجتمع سيجد نفسه وحيدا ومكشوفا أمام المخاطر التي تتهدده مما يضطره لأن يبادر بنفسه ليتحمل مسؤولية آمنه والدفاع عن ذاته وكيانه دون اللجوء للجهات الرسمية، مما يؤدي ذلك إلى انفراط عِقد الأمن الاجتماعي، وبعدها لا تستغرب لجوء بعض أفراد المجتمع إلى إحراق أو تدمير أي مؤسسة إعلامية يشعر أنها تهدد أمنه بممارسة التحريض ضده، أو حتى إنزال العقوبة بحق الشخصيات التي تمارس التحريض والتكفير ضدها من كتاب وإعلاميين ومحاضرين وغيرهم، حينها ستخرق السفينة ويتشرذم الجمع ولات حين مندم.
الاستجابة الحقيقية لحادثة القديح والتي سيعتبرها المكون الشيعي خطوة جدية تجاه حمايته وأمنه الاجتماعي هو تجريم أي سلوك أو ممارسة تحريضية وتكفيرية ضد الشيعة في البلاد، وذلك بدءا بمناهج التعليم ومرورا بخطب الجمعة والبرامج الدينية وانتهاء بالإعلام المرئي والمسموع والمقروء، وإلا اعتبرت كل إجراءات دون ذلك هو لعب على الذقون ومجرد مسوحات تجميلية لا أكثر.
وأهيب هنا بالكتاب والإعلاميين أن يعزموا على كتابة تقرير موثق عن كل ممارسات التحريض ضد الشيعة في الإعلام المحلي تحديدا ونشره أمام الرأي العام والضمير العالمي والمسئولين.
وفي الأخير نبتهل إلى الله تعالى أن يتقبل شهداءنا عنده ويجعل لهم قدم صدق عنده مع الحسين وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين ، وان يلهم ذويهم الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.