نعيٌ للشهداء ووعيٌ للمرحلة
بسم الله الرحمن الرحيم
نعيٌ للشهداء ووعيٌ للمرحلة
قال تعالى في كتابه الكريم﴾ ُأذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴿الحج «39».
وقال الإمام علي : «يَوْمُ الْمَظْلُومِ عَلَى الظَّالِمِ أَشدُّ: مِنْ يَوْمِ الظَّالِمِ، عَلَى الْمَظْلُومِ».
إن هذا الإرهاب الذي صب جام غضبه على شيعة أمير المؤمنين في بلدنا الحبيبة سواء في «الدالوة» أو «القديح» أو «العنود» وتمسكهم بنهجه القويم ليس وليدا للمرحلة بل هو من أيام رسول الله ص فمن يقلب صفحات التاريخ يجد هذه الحقيقة جلية واضحة من قبل أعداء الدين وأعداء أمير المؤمنين ، فكم هي الجرائم البشعة التي انصبت على شيعة أمير المؤمنين في التاريخ وليومنا هذا من القتل على الهوية الإيمانية، ولكن ماهي النتيجة المرجوة من هذا كله فهل رأينا تحققت أهداف الأعداء بهذا الفعل؟ أما رأينا النتيجة العكسية في إصرارنا على تمسكنا بولاية أمير المؤمنين ؟ فكل موالي لهذا المذهب الحق زاده إصرارا بالتمسك بمذهبه ولم يخش هذا الإرهاب والقتل، بل إن أول كلمة يطلقها الموالي هي «هيهات منا الذلة» «لبيت يا حسين» «لبيك يا شهيد».
مع ما يؤسفنا ويحزننا سقوط هؤلاء الشهداء الطيبين الموالين يفرحنا ويخجلنا الوعي التام لذويهم والكلمات التي يطلقونها فرحاً بما أصابهم من مصيبة في هذا السبيل وتفديتهم لدينهم ومذهبهم فهم قد نالوا كرامة الشهداء الأبرار.
فقد روي عنه : «أشرف الموت قتل الشهادة»
وكما قال الشاعر:
وغير فقيد من يموت بعزةٍ وكل فتى بالذل مات فقيد
فهذه الزمرة الخارجة عن ربقة الإسلام التي فجرت المؤمنين بما تحمل من توجهات حاقدة تكفيرية وتنفذ خطط أعداء المذهب هم أراذل المجتمعات غذتهم يد البغي بفكر أعوج بعيد عن تعاليم السماء والإنسانية.
وهنا نسجل بعض الملاحظات:
1 - إن هذه النتائج التي وصلنا لها في تفجير وقتل بشع في بيوت الله تعالى وأيام شريفة مباركة لأناس مؤمنين مسالمين مصلين صائمين، هي وليدة طبيعية للشحن الطائفي المقيت بشتى أشكاله الإعلامية سواء كانت في كتب دراسية أو إعلام مرئي أو مسموع أو مكتوب محلية كانت أو غير محلية، وربما بعضها تحت نظر المسؤلين أو غض الطرف عنها.
2 - إننا ندين بكل شدة أي عمل يساهم في التوصل لمثل هذا الفكر المغلوط ونطالب كل مسؤول باجتثاثه والوقوف بعزم وجدية لمنع أي بوق ينال من مذهبنا ويكفرنا علناً بل ويحث على قتلنا من شيوخ الفتنة ومن يدعمهم، وفضحهم ومحاكمتهم علناً لينالوا جزاء ما فعلوا، فإن دمائنا ليست رخيصة، وقد تكررت هذه الأعمال وتتكرر ولم نر أي رادٍ يردعهم، وإن أمن البلاد والعباد هو مسؤلية الدولة أولاً.
3 - إن ما يحقق أهدافنا هي شد اللحمة بيننا خصوصا في مثل هذه الظروف العصيبة التي تمر بنا تحتم علينا أن نصطف يداً واحدةً بكل ما أوتينا في وجه أعدائنا ونبذ الخلافات الجزئية التي تبدد جهودنا وتضعفنا أمام كل عدو، وأن نعي الأخطار المحدقة بنا.
4 - إننا وبكل فخر لا تهزنا مثل هذه العواصف التكفيرية التي تنال منا فنحن وبحمد لله متمسكون بحبل متين لأهل بيت العصمة صلوات الله عليهم فلنا بهم أسوة وقدوة في مواجهة المصائب والمحن، ومما يندى له الجبين وتنكسر له الرؤوس إجلالا المواقف التي أخجلت كل العالم لذوي الشهداء في روحيتهم التي ضربت أروع الأمثلة في الصمود والتسليم لله تعالى، بل وتفتخر بأن أولادهم ذهبوا شهداء فما شاهدناه وسمعناه من أباء الشهداء وإخوانهم وذويهم بل وأمهاتهم من تجلَد وصبر كالجبال الرواسي شيء يعجز عن وصفه اللسان وتضيق عنه الكلمات، بل يبعثون لمن يواسيهم الروح العظيمة في تلقين دروساً قد لا تجدها إلا عند بعض العظماء النوادر فطوبى لهم لهذا التجلد وهذه الروح السامية وهذا الوعي الولائي لأهل البيت .
5 - إن هذه الأحداث التي مرَت علينا لا بد أن تخلق فينا منعطفاً في وعي المرحلة التي نعيشها في مواجهة أعدائنا بكل حكمة وحنكة وتكاتف جهودنا لنيل مطالبنا المحقة التي تكفلها لنا رسالات السماء بل الإنسانية كذلك، فنحن نعيش منذ آلاف السنين على هذه الأرض فلنا حقوقنا كجزء ومكوَن حقيقي في هذا الوطن يمتلك من الكفاءات العظيمة في شتى المجالات التي لا تنكر.
• وفي الأخير نسأل الله تعالى أن يرحم شهدائنا الكرام الأبرار ويتغمدهم بواسع رحمته ويرفع درجاتهم عنده، ويعجل في شفاء الجرحى.
صالح المنيان، سيهات 14 شعبان 1436 هـ.