الطائفية لا القومية
كثيرٌ هي المواقف التي أتخذها بعض العرب لمناصرة نظام صدام بحجة الانتماء القومي والعربي مما جعلنا في هذا الوطن العربي الكبير نتأخر كثيراً عن ركب الحرية والديمقراطية.
ففي حرب الثمان سنوات ضد إيران وقف أكثر القوميين العرب وطبلوا وزمروا لذلك النظام بحجة أنه يدافع عن البوابة الشرقية ضد الأطماع الفارسية في العراق ولكسر تلك الشوكة التي بدأت تنخر في خاصرة الأمة العربية (حسبما سوق لذلك أدعياء العروبة).
ومن أجل ذلك أوحوا للشعوب العربية من خلال التطبيل الإعلامي بعلاقة بين إيران (الجمهورية الإسلامية) وإسرائيل وأن هناك تحالفاً خفياً صهيونياً إيرانياً ضد الأمة العربية من أجل تدميرها والسيطرة عليها بل طبلوا إعلاميا لصفقات سلاح مزعومة بين النظامين.
قد يعتقد البعض أن المحرك الرئيسي لكل ذلك هو الدافع القومي أو المصلحة العربية بينما في واقع الحال هو خلاف ذلك كله فلو نظرنا إلى ما خلف الكواليس سوف نجد أن الحس الطائفي الذي يخفونه من خلال الادعاء بالانتماء للقومية العربية هو المحرك الذي من خلاله يتحرك أولئك لتقويض أي نشاط من قبل الشيعة العرب لأخذ دورهم في الحياة والسياسة العربية لذلك يحاولون أن يضخموا أي تحرك من قبل الجماعات الشيعية ويحاولون إبرازه وكأنه ضد الطائفة السنية حتى لو كان هذا التحرك من قبل أفراد ليبراليون أو قوميون عرب ينتمون لهذه الطائفة.
لقد أثبتت الأيام خطأ أولئك الذين يحملون هذا الفكر الطائفي وهم في واقع الحال أخطر من أولئك الذين يجاهرون بطائفتيهم كالزرقاوي والمقدسي وغيرهم. ذلك لأنَ أولئك يسهل محاربتهم لمجاهرتهم بذلك العداء لكن من يدسون السم في العسل هم أشدُ سوءً من ذلك لأنهم يحمون أولئك عبر تسميتهم لهم بالمجاهدين والمقاومين والمدافعين.
لقد ضاعت المقاييس في هذا الزمن العربي الذي يسوق للإرهاب كما في العراق ويحارب المقاومة كما في فلسطين والجنوب اللبناني ، لقد ناصر أدعياء العروبة والإسلام صدام في حربه ضد إيران ثم في الكويت وجلبوا بتلك المناصرة الخراب والدمار وتلحفوا بعباءة الإسلام غير آبهين أو ملتفتين للمصلحة العربية والإسلامية ما داموا يخدمون فكرهم الطائفي في سبيل إقصاء الطائفة الشيعية عن نيل ما هو حق لها كجماعات تنتمي لهذا الوطن العربي الكبير تتشارك فيها مع بقية الطوائف الإسلامية الأخرى لها ما لتلك الطوائف وعليها ما عليهم.
ينبغي على أدعياء العروبة أن يقفوا مع أنفسهم وقفة مصارحة كي يعيدوا حساباتهم في تقييمهم للواقع العربي وكي لا يقودوا المجتمع العربي إلى متاهات أخرى كالتي قادها صدام والقذافي وكي ننعم بالاستقرار في زمن نحن فيه بحاجة للتكاثف والإخاء.