محب الكتب في الأحساء
أينما يذهب يبحث عن الكتب وحيثما يجلس فحديثه عنها. أنفق من ماله الكثير عليها، ولم يبال بالكماليات الأخرى حيث الفكر والثقافة أولا قبل الماديات.
استطاع أن يكون مكتبة شخصية يبلغ عدد كتبها 20 ألفا ما بين كتيب وكتاب ومجلد ومجلة في شتى علوم المعرفة بلا استثناء. الأستاذ عبدالله الجاسم من بلدة المطيرفي بالأحساء شرقي السعودية موظف متقاعد من شركة النفط السعودية ارامكو، لم يكن يوفر أوقات إجازاته قبل تقاعده لكي يسافر من أجل شراء كتب جديدة من دول أخرى.
فلا يكاد يسمع عن معرض للكتاب في دولة عربية إلا وحضره وعاد محملا بعشرات الكتب، مع مغامرات مفصلة له في نقل الكتب ثم في إدخالها مع ما يحتاجه بعضها من أذونات وزارة الإعلام.
عندما زرت مكتبته لاحظت استمتاعه بعرضها أمامي، مع ذكر قصة حصوله على بعضها، وكان مستعدا لرواية قصته مع كل منها. فلكل كتاب لديه قصة أولا عندما سمع عنه، ثم محاولته شراءه من داخل البلاد، ثم سفره للحصول عليه وإدخاله إلى البلاد في حال عدم توفره داخل المملكة. يقول الجاسم عن نفسه «منذ بدايتي وعشقي للكتب يزداد وأمتع نفسي عندما اقتني كتابا أتجول بين صفحاته وأقرأ عباراته الجميلة وأستلهم معارف عديدة ويجيبني على تساؤلاتي وتنتابني السعادة والفرحة عند اقتنائي أي كتاب».
ولا يفرط الجاسم في كتبه، حيث يندر أن يعير أحدا أي كتاب منها وكأنه يستشهد بمقولة الشاعر حين يقول:
لا تلوموني فلن أعطي كتابي - مستعيرا قد أتى يطرق بابي
غركم ليني وبذلي في سخاء - فتماديتم على خير الصحاب
ولا يقتصر الجاسم على مجرد جمع الكتب والتمتع بمنظرها بل يقوم بقراءتها ولديه ذاكرة حاضرة للإجابة عن تساؤلات زواره حول كيفية الحصول على معلومة ما ومن أي مصدر.
نشر عشرات المقالات المتنوعة، وأصدر مؤخرا كتابا عن بلدته المطيرفي تحت عنوان «المطيرفي والذاكرة»، ولديه كتاب آخر ينتظر الطباعة تحت عنوان «شخصيات عاصرتها وعرفتها» يتحدث فيه عن علاقاته وذكرياته مع عدد كبير من شخصيات الأحساء والمملكة والعالم العربي وانطباعاته عنهم. وبسبب حبه للكتب فإن النسبة الكبرى منهم كانت أيضا من الكتاب والمؤلفين أو محبي الكتب.
الأستاذ الجاسم هو نموذج مشرف لمن يحب الكتب ويهيم بها في ظل انتشار ثقافة تعلي من شأن الماديات وتوافه الأمور على حساب الفكر والثقافة.