غاب محرر فأصبح تشارلز ديكنز كاتبا
عندما كان تشارلز ديكنز يعمل مجرد مختزل في صحيفة، تغيب أحد المحررين في الصحيفة بسبب المرض، فطلب منه رئيس التحرير أن يكتب مكانه أي مقال يأخذه من الموسوعة البريطانية ويعدل عليه قائلًا له إنه لن يكون أكثر سخفًا من المحرر الغائب! وقبل ديكنز بالعرض، وكتب أول مقال له، رغم أن رئيس التحرير كان قد اشترط عليه عند توظيفه ألا يطلب منه أن يكون محررًا أبدًا. وعندما شفي ذلك المحرر لم يعده إلى وظيفته الأولى في كتابة العمود الصحفي في الصحيفة، بل أعطاه عملًا آخر. بعدها طلب رئيس التحرير من ديكنز أن يكتب تعليقات على رسوم كاريكاتورية، ففعل مما أدى فيما بعد لزيادة مبيعات الصحيفة من 10 آلاف نسخة إلى خمسين ألفًا، وتحول ديكنز إلى شخص مشهور، وأصبحت أخباره تتقدم على أخبار رئيس الوزراء.
وكان هذا الكاتب - الذي أصبح من أشهر كتاب القرن التاسع عشر وأهم الكتاب الإنجليز - قد عاش طفولة مشردة، جوع ونوم على الأرض، وأب يحب المقامرة، ويخسر كل أمواله مما اضطره إلى أن يعمل ماسح أحذية. وكان ديكنز عندما يعود في آخر النهار يأخذ منه والده جميع الأموال التي كسبها ليقامر بها. ومن أجل تسديد ديونه، اضطر والده أن يبيع جميع أثاث بيته، ولما لم يكف ذلك لتسديد ديونه أخذوه للسجن، وهناك وفي داخل السجن استمر في لعب القمار حيث هناك كان يربح. كان ديكنز يهرب من محل مسح الأحذية لكي يقرأ، كما كان يستغل أوقات فراغه أيام طفولته ومراهقته في القراءة أيضًا، وكان من كتبه المفضلة ألف ليلة وليلة ودونكيشوت.
وقد انعكست حالة ديكنز المعيشية على رواياته؛ حيث أسهب في ذكر تفاصيل معاناة الفقراء والمشردين مع قدرة كبيرة على السرد والتصوير، كما أنه من ناحية أخرى كان في كتاباته على الدوام نصيرًا لهاتين الفئتين ولجميع المظلومين في العالم، حتى قيل إن «كارل ماركس» وصفه بأنه «الكاتب الإنجليزي الأكثر قدرة على كشف التفاوت الطبقي في مجتمعه».
كان حلمه أيام صباه أن يسكن بيتًا شامخًا وهو بيت غاتشل «ديفيد كوبرفيلد»، وعندما كان في الخامسة من عمره كان يمر من أمام ذلك البيت الهادئ الأنيق، ثم يجلس تحت شجرة وارفة الظل أمامه لساعات يتأمله ويحلم بسكناه. وحين أصبح قادرًا على شرائه ذهب وكيله إلى صاحب البيت الذي رفض على الفور، قائلا إنه ليس للبيع. وعندما أخبره الوكيل بهوية المشتري أعطاه مفتاح البيت بلا تردد، قائلًا بأنه لو أن ملكة انجلترا نفسها طلبت شراءه لما قبل لولا أن المشتري هو مؤلف ديفيد كوبرفيلد.
ومن كتبه: مذكرات بيكويك، متجر الفضول القديم، الرجل المسكون وصفقة الشبح، المنزل الكئيب، قصة مدينتين، آمال كبرى، الجنتلمان الإنجليزي العتيق «شعر».
من كلماته:
· أنا أكتب لأنني لا أستطيع التوقف عن ذلك.
· يشعر الكاتب بأنه يفقد بعض الأجزاء من نفسه لتتحول إلى عالم من الظلال حين تغادر عوامل إبداعه دماغه إلى الأبد.
· كنتُ في غايةِ التعاسةِ، إذ أنَّ مَنْ يُحبُّني لا يستطيع أن يُبدِيَ لي حبَّه؛ أما مَن يكرَهُني فإنهُ يُظْهِرُ لي هذا الكُرْهَ بمختلِفِ الطرُق. من أجل هذا كنتُ أقضي معظمَ الوقتِ في حجرتي أطالعُ وأنا ملتفٌّ بالأغطية.