للكتاب يوم فحسب أم أيام؟

عندما نعلم أن هناك يومًا عالميًّا للكتاب فإن التساؤل البديهي الذي يطرح نفسه هو: هل يكفي يوم واحد لذلك؟

اللافت في أمر يوم 23 إبريل، الذي حددته اليونسكو يومًا عالميًّا للكتاب كل عام، هو أن من يحتفل به هم أقل شعوب العالم حاجة إليه، لكنه في بلدان أخرى يأتي ويمضي مطبقًا فكرة أن السكوت من ذهب! إنها الشعوب التي تقرأ ست دقائق في العام، ولا يطبع من كل عنوان من كتبها أكثر من ألف نسخة يحار في بيعها أو توزيعها المؤلف أو دار النشر، وحيث الكتاب هو آخر اهتماماتها، ونسب من يعزف عن اقتنائه أو قراءته في تزايد؛ إما لعدم الحاجة إليه أو للانشغال بتأمين لقمة العيش أو لوجود أولويات أخرى متقدمة عليه.

ليس من أجل ويليام شكسبير ولا ميغل دي ثيربانتس فحسب أُطلِق اسم اليوم العالمي للكتاب لتخليد يوم وفاتهما، بل من أجل هذا الشيء الساحر الذي يتكون من مجموعة أوراق بها رموز سوداء متلاصقة بعضها ببعض طالما سحرت قلوب الناس عبر حقب التاريخ، وحقنتهم بأفضل الحُقن المعرفية وأضحكتهم تارة وأبكتهم أخرى.

إن شعوب العالم الثالث، أو المتخلف، ليست محتاجة إلى الاحتفال بالكتاب في يوم واحد فقط، بل تحتاج إلى أكثر من يوم، بل إلى أسابيع وأشهر ربما من الاحتفال والاهتمام بالكتاب. إن هذه الشعوب محتاجة إلى مزيد من ذلك حتى تستطيع مواكبة التطور المتسارع في عالم اليوم، لأن الكتاب أس المعرفة والتطور البشري، حيث هو بوتقة مراكمة العلوم عبر عقود السنين وقرونها.

أمنياتي في اليوم العالمي للكتاب هذا العام هو أن تتضاعف أعداد الكتب المطبوعة، وأن تتوقف ظاهرة الإهداء الجماعي للكتب من قبل المؤلفين متحولة إلى أن يتبنى ذلك بعض المهتمين ومحبي الكتب أو رجال الأعمال الذين ربما تحولوا من مجرد إعداد الموائد الكبيرة إلى شراء نسخ من كتب بعض المؤلفين وإهدائها للناس أو من يؤمل أن يقرأ في المستقبل. حبذا لو كان الكتاب أحد مفردات هدايا الناس في مناسبات الزواج أو التكريم أو أعياد الميلاد. ليت البعض يتوقف عن مجرد البحث عن كتب مجانية لتحميلها من النت بطريقة غير قانونية. ليت الأمهات يقمن بالقراءة لأطفالهن الرضع حتى قبل أن يتعلموا النطق. ليت فكرة تخصيص ساعة للقراءة الحرة في أوقات الدوام لجميع الموظفين «طبقت في دولة الإمارات»، ليتها تعمَّم في جميع بلدان العالم الثالث. ليت قراءة الكتب تدرج بوصفها نقطة تفضيل في السيرة الذاتية للمتقدم لأي وظيفة في القطاع الخاص. وليتنا نحسب ساعات القراءة كما نحسب الساعات التطوعية للمواطنين. ليت وليت وليت في قائمة طويلة من الأمنيات التي تَحقَّق قسم منها في بعض الدول وننتظر أن تكتمل فرحتنا بالقسم المتبقي، وأن يعم ذلك جميع دول العالم الثالث.

* إذا أردتُ أن أحكم على شخص ما أسأله كم عدد الكتب التي قرأ وماذا قرأ. سقراط