سر النجاح يبدأ من النظام

في وصية خالدة لأمير المؤمنين ، قال: ”ونظم أمركم“ … كلمة موجزة، لكنها تختصر طريق النجاح لمن عقلها وعمل بها.

دخلت يومًا مكتب أحد الأصدقاء، فإذا به غارق في الفوضى: أوراق مبعثرة، غبار على الحاسوب، وكوب شاي متسخ… مشهد يلخص كيف يمكن أن يعكس المكان حال صاحبه.

النظام ليس رفاهية، بل ضرورة تمس كل تفاصيل حياتنا: في المنزل، في المكتب، في السوق، وحتى في أبسط عاداتنا اليومية. لكن أين نحن من هذا؟

أوقاتنا أسيرة المصادفات، مواعيدنا كثيرًا ما تخوننا، نومنا يمتد لساعات طويلة في النهار، بينما الليل نقضيه في السهر بلا هدف. ثقافتنا مشتتة؛ نقرأ بلا تمييز بين النافع واللغو، نبدأ كتابًا ثم نتركه لأن الملل غلبنا. أفكارنا كذلك غير مرتبة، نتلقف كل ما يُعرض علينا دون تمحيص، فنخوض في الدين ثم نقفز إلى الرياضة أو الموضة، بلا رابط أو ترتيب.

حتى طعامنا وشرابنا لا يسلمان من العشوائية؛ نخلط النافع بالضار ثم نتساءل عن علّة ما يصيبنا من أوجاع.

إلى متى نظل كسفينة تائهة في بحر الفوضى، بينما الكون من حولنا يسير وفق نظام محكم ودقة مدهشة؟ فالشمس تشرق وتغرب في مواعيدها، والنجوم تسير في مداراتها، والبحار تخضع لمدٍّ وجزر محسوب، وكل ذرة في هذا الكون العظيم تتحرك وفق قانون رباني دقيق… أفلا نتعلّم من هذا النظام الكوني أن نضع لحياتنا ترتيبًا يضبط مسارها؟

تأملت ذات مرة في قصة أحمد، شاب بدأ حياته متواضعًا لكنه قرر أن يجعل النظام منهجه؛ يضع خطة يومية، يحدد أهدافه الأسبوعية، ويراجع إنجازاته قبل النوم. ومع السنوات، صار يدير شركة ناجحة، ويُعرف بدقة مواعيده وجودة أعماله. لقد كان سر نجاحه ببساطة أنه أخذ بوصية الإمام: ”ونظم أمركم“.

إنها دعوة لإعادة ترتيب حياتنا، لنودّع الصدفة والفوضى، ونصنع لأنفسنا مسارًا واضحًا، فالنظام ليس مجرد عادة… إنه أسلوب حياة يمنحنا الراحة والنجاح.

أخصائي التغذية العلاجية