بصمة على الورق
نحن حين نكتب لا نفعل ذلك ترفًا ولا بحثًا عن حبر يملأ البياض، نحن نكتب لأن في داخلنا ما يحتاج أن يُقال.
نكتب من تجاربنا التي علمتنا، ومن أوجاعنا التي شكلتنا، ومن لحظات مضيئة تركت أثرها في أرواحنا.
وما نكتبه ليس مجرد كلمات تُرص على الورق، بل امتداد لذواتنا، جزءٌ من وعينا، وشيء لا يمكن لأحد أن يستنسخه.
فأفكارنا ملكنا وحدنا، وإن وضعناها في قوالب وصغناها في هيئة حروف وكلمات، فإنها تظل انعكاسًا خالصًا لتجاربنا وحدنا، نصوص قد تُقرأ، لكنها لا تُنسخ لأن جذورها مغروسة في داخلنا.
فالكلمات ليست مجرد أوعية لأفكارٍ خالصة بل هي تحمل وجداننا وتمنحنا القدرة على البقاء في عالمٍ مزدحم، فكل نص نتركه يشبه بابًا مفتوحًا على جزء من أرواحنا، شاهدًا على ما كنا عليه وعلى ما حاولنا، عندما يعجز الصوت عن الوصول، الكتابة ليست فعلًا لحظيًا، بل رحلة تمتد بين قلبٍ يختلج وفكرة تبحث عن مخرج، مساحة نكون فيها صادقين بلا خوف، بلا تزييف، أقوياء رغم هشاشتنا.
نكتب لنرى أنفسنا بوضوح، ولأن الحروف تمنحنا القدرة على منح المعنى شكلًا، والوجع اسمًا، والفرح وطنًا صغيرًا كلما ضاقت بنا الحياة.
وفي النهاية، تبقى الكتابة أعظم أشكال النجاة، نجاة من الصمت، ومن التشتت، ومن الزحام الداخلي، ومن العالم حين يقسو، نكتب لكي لا نفقد ذواتنا، ولكي تبقى تجاربنا حاضرة وصامدة ومحفوظة بين سطورٍ تعرف تمامًا من نحن.






