انهض.. فإن الحلم لا يموت
في مسيرة الإنسان.. تتقاطع اللحظات العاصفة مع مرافئ السكون.. وتتبدّل أحوال الحياة بين منحنى صاعدٍ وآخر هابط.. ولكنّ الثابت الوحيد هو إرادة النهوض. فالحياة لا ترحم المتخاذلين.. ولا تُنصف المتشائمين.. بل تفتح ذراعيها لمن أصرّ أن يصنع من العثرات سلالم.. ومن الشوك دروبًا إلى الزهر.
كم هو مؤلم أن نرى من يقف أمام أنقاض يومه باكيًا.. شاكياً الدهر.. ناسياً أنّ الدهر لا يُحابي أحدًا.. وأنّ من يشكو الزمن إنما يشكو ضعفه أمامه. البكاء لا يُقيم بناءً.. والأنين لا يصنع مجدًا.. فالحياة لا تُجيد الإصغاء إلى المتوجعين.. بل إلى الساعين الذين يترجمون آلامهم إلى عملٍ وصبر وإنجاز.
إنّ السؤال:“كيف السبيل؟ ”لا يُجاب عليه بالكلمات.. بل بالخطى الأولى. فالسبيل يُكتشف حين تمضي.. ويُضاء حين تؤمن بوجهتك. ما ضلّ ذو أملٍ صادقٍ.. ولا خاب من كانت مقاصده نبيلة.. إذ إنّ الأمل لا يخون من استدعاه بعملٍ وصدقٍ وثبات.
وكم من امرئٍ أضاع عمره في تبرير تقاعسه.. متّكئًا على حجة الزمن والظروف.. وهو لا يدرك أنّ الزمان لا يحارب أحدًا.. بل يمتحن العزائم ليميز بها بين من يقف على الهامش ومن يصنع أثره في قلب الحياة.
إنّ الإصلاح يبدأ من الذات.. ومن يعجز عن إصلاح نفسه فلن يُصلح وطنًا ولا زمانًا. وما أكثر من يتحدثون عن علل المجتمع.. وهم أحد أسبابها..!! فالبناء لا يتحقق بالنقد وحده.. بل بالفعل النبيل والعمل المخلص.
أما المتشائم.. فهو كالغُراب لا يرى في الأفق سوى رماد الخراب.. ينعق باليأس ويشيع الوجوم.. في حين أنّ الموقن بالخير يرى في العتمة بذرة ضوءٍ تنتظر أن تمتد إليها يد العزم لتثمر أملاً جديدًا.
فالتفاؤل ليس رفاهية عاطفية.. بل فريضة وجودية.. تحفظ للإنسان اتزانه وتمنحه القدرة على الاستمرار رغم الصعاب.
ما ضاق عيشك يومًا إلا حين ضاق أملك.. وما خبت دروبك إلا حين أغلقت نوافذ الرجاء. انهض.. وامضِ في سبيلك.. فكل صباحٍ يشرق عليك هو إذنٌ جديد بالحياة.. وفرصةٌ لإعادة التشكيل والبناء.
واعلم أنّ الغد لا يُمنح للباكين على الأمس.. بل يُمنح لأولئك الذين ينهضون من تحت الرماد ليكتبوا غدهم بأيديهم. فانهض.. ولا تشكُ الزمان.. فإنّ الزمان مرآة العزائم.. لا عذر العاجزين.
واجعل من كل سقوطٍ بداية.. ومن كل جرحٍ درسًا.. ومن كل فجرٍ موعدًا جديدًا مع الأمل الذي لا يموت.








