العمر في الحياة الفانية

قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً «البقرة: 30».

خلق الله عز وجل الإنسان واستخلفه في الأرض، وطلب منه السير والانطلاق لتحقيق الهدف والغاية من خلقه وهي العبودية المطلقة والطاعة المتمثلان في معرفة الخالق عز وجل. فيقول الله عز وجل: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ «الذاريات: 56»، وهذا يوضح الغاية من خلق الله عز وجل الجن والإنس.

وأوضحت بعض الآيات لفتًا جميلاً للإنسان، تبين له بأن طريق العودة لله عز وجل قصير جدًا وأنه ملاقيه بعد انتهاء العمر وفنائه، فيقول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ «الانشقاق: 6».

فالإنسان خُلق في هذه الحياة الفانية لفترة قصيرة من الزمن، وأُعطي وقتًا محدودًا يعمل فيه؛ فإن انطلق لتحقيق الهدف المرجو في مجالات هذه الحياة الواسعة بما فيها من تطور وتقدم وابتلاءات فقد فاز، وإن أضاع عمره هباءً وذهب سدى ولم يستفد من فترة حياته فقد خسر. وسوف يُسأل الإنسان يوم القيامة عن عمره كما أوضح الحديث الشريف في قوله : «لم تزل قدما عبد حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن حبنا أهل البيت». فالوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.

إدارة الوقت مهمة جدًا في حياتنا، وقد أفاض الله عز وجل في كتابه القدسي عن أهمية وعظمة وقداسة الوقت الذي نعيشه في هذه الحياة القصيرة، وذلك من خلال القسم في بعض الآيات، كقوله تعالى: ﴿وَالْفَجْرِ «1» وَلَيَالٍ عَشْرٍ «2» «الفجر: 1 - 2»، وقوله تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ «1» إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ «2». وقد أوضحت هذه الآيات أن الإنسان في خسارة كبيرة إن لم يستغل الوقت بما ينفعه من دار الدنيا إلى دار الآخرة.

لنتأمل:

وما نحن في هذه الحياة الدنيا وما حجمنا وما مقدار أعمالنا، يوم تُنشر الصحف بالأعمال فلا تفارق صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها الله في كتاب.

حينها سوف تُفتح صناديق الساعات، ساعة تلو الأخرى، فيرى الإنسان صناديق وقته ماذا ملأت؛ فإن كان خيرًا استبشر وفرح، وإن كانت فارغة ندم وتحسف على ضياع الوقت بلا فائدة، وإن كانت شرًا تكدر وحزن. فلنستغل أوقاتنا ونستثمرها لآخرتنا، فما يذهب من عمرنا لن يعود.

قال تعالى: ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ «99» لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا «المؤمنون: 99 - 100».

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

معلم