خلف الستار

نظرت إلى تلك الستارة الحمراء المغلقة على خشبة المسرح ولا أعلم ما تخفيه خلفها، ولكن كلي شوقٌ لمعرفة ما تستره، ربما ستروي لي حكاية أو قصة أو مسرحية فكاهية أو ربما قصيدة شعر لشاعر مرتجل، أو ربما ستروي لي رواية أو فلم صمتٍ قصير. لقد كانت أجواء المسرح هادئة، والغريب في الأمر أنه لا يوجد حضور في المسرح، فقط أنا وحدي والستارة الحمراء، حتى حان وقت بداية العرض وفتح الستار، ومع الأسف طرأ خلل فأجل العرض قليلاً. فغفت عيني لحظات وأنا أنتظر فرأيت في منامي القصير أني على خشبة المسرح خلف الستار وخلف الكواليس أشاهد الحقائق وأنظر عن كثب إلى تلك الأحداث والشخصيات المزيفة التي انكشفت لي من ذلك الفلم القصير الذي سوف يُعرض على خشبة المسرح بعد قليل، والذي يروي في مضمونه رسالة تكشف قصة وحقيقة المشاعر الكاذبة التي يمثلها الأشخاص لكسب محبة الناس واستغلالهم لتحقيق غاياتهم الرذيلة وحقيقة الحياة التي تبنى على الكذب والنفاق والخديعة بمفهوم المحبة والمودة والوفاء، وبينما أنا أتنقل في أرجاء المسرح وأتفرج انفتح لي كتاب النصوص التمثيلية للممثلين فقرأت بعضاً منها، من هو البطل ومن هو الباطل ومن هو الضحية في تلك التمثيلية، فكانت الحقيقة صادمة والرواية غريبة، أحداث تكشف حقائق الزيف والخداع في الحياة البشرية وجوه ظاهرها جميلة وحقيقتها قبيحة.

مسارح الحياة عديدة والممثلون في المسرح مختلفون فمنهم من يضحكك بكلمة ومنهم من يطربك بجملة ومنهم من يجرحك ويبكيك، والجمهور في صفوف المدرجات مختلفو الأجناس والأشكال والثقافات منهم متفرج متفاعل ومنهم متفرج نائم ومنهم مصفق مع المصفقين، حياة المسرح حياة جميلة وغريبة ورسالته هادفة تأخذك في طياته من عالم الوجود والحقيقة إلى عالم الزيف والخيال، مسرحية متعددة الأجزاء والمشاهد فالحقيقة فيها مختلفة عما هي عليه في خلف الكواليس.

فلو انكشف الغطاء لبني آدم وانفتحت له ستارة حقيقة البشر لانصدم الإنسان مما يرى ولأيقن بأن الضاحكين باكون والباكين منافقون وأغلب الناس تجري خلف تحقيق مصالحهم الخاصة على حساب راحة الآخرين من غير مراعاة ولا مبالاة لحقوقهم ومشاعرهم «نفسي ثم نفسي وأهلي وبس».

وفي الختام

الناس أجناس حقائقهم عكس خفاياهم يظهرون دائماً لك الجميل ويخفون عنك القبيح ينطقون بالحب والمودة وتصرفاتهم مملوءة بالكراهية والحقد والحسد، ظاهرهم جميل وباطنهم قبيح، تقابلهم بالإحسان ويقابلونك بالنكران، تسعى لتحقيق سعادتهم وأمانيهم وتصارع في الحياة من أجلهم ومن أجل تحقيق مطالبهم وتحقيق الراحة النفسية لهم، ومع الأسف تكون أنت أخر اهتمامهم. فعش حياتك بالنية الصادقة والواضحة بعيداً عن التكلف والنفاق والحقد والحسد، فالأعمال بالنيات والعمل الصالح يرفع الإنسان إلى أعلى المراتب والدرجات.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين

معلم