القراءة الجماعية

إذا كان تعميق الفهم المشترك لأحد النصوص بين أعضاء مجموعة من نوع ما هو الهدف، فإن القراءة الجماعية هي الأسلوب الأمثل لتحقيق ذلك الهدف. ويعود السبب في ذلك إلى أن هذا النوع من القراءة، الذي يقوم على قراءة كتاب أو أي مادة مكتوبة بشكل مشترك بين مجموعة ما، يسهل تبادل الأفكار عبر القراءة في وقت واحد، ثم مناقشة ذلك.

وقد تكون القراءة الجماعية في مكان واحد أو أماكن متعددة، صامتة أو علنية، وقد تكون بأساليب متنوعة؛ مثل تقسيم الكتاب لأقسام وتوزيعها على مجموعات الأعضاء، ثم الطلب من كل مجموعة عرض أفكار القسم الذي قرأته، ثم مناقشته معهم من قبل البقية. وقد تكون المجموعة مجتمعة في مكان واحد أو كلًّا في موقعه، على أن يجتمعوا لاحقًا في مكان واحد للمناقشة، أو افتراضيًّا. وفي حال كونهم في مكان واحد فقد تكون القراءة علنية مشتركة أو فردية صامتة يتلوها نقاش جماعي.

ويعزز هذا النوع من القراءة تفاعل المجموعة المشاركة مع النصوص المقروءة، ما قد يعني فهمًا أعمق لها وثباتًا أطول للمعلومة والفكرة.

وتساهم هذه القراءة في زيادة مساحة فهم النصوص وتطوير مهارات التفكير النقدي والتواصل الاجتماعي لدى القراء المشاركين، في الوقت الذي تساعد فيه على نشر ثقافة القراءة وتوسيع رقعتها بسبب ارتباطها بآخرين، وهو أيضًا ما يكسر حالة الملل من القراءة الفردية التي قد تصيب البعض؛ لكونها تجمع بين التعلم والمتعة. كما أن التنافس في عرض الأفكار ونقدها قد يحول جو النقاش إلى ما يشبه في بعض جوانبه أجواء بعض الرياضات ذات الشعبية الكبيرة لدى الناس.

وتتمتع هذه القراءة أيضًا بإيجابيات عديدة، منها دورها في تعزيز الشجاعة النفسية للمشاركين الذين يتحدث بعضهم أمام بعض عارضًا أفكاره، كما أنها تساهم في بناء المهارات اللغوية وتنمية المهارات الاجتماعية؛ كالاستماع والحوار واحترام الرأي الآخر. وحينما يعاني البعض من بعض المشكلات الشخصية أو العائلية فإن القراءة الجماعية تخرجهم من حالتهم إلى حالة أفضل اجتماعيًّا، وقد تنقذهم من صدمات ربما تعرضوا لها، خاصة إذا ما نوقش موضوع أو رواية تلامس مشكلتهم أو تقترب منها، وهي بذلك تشكل - ربما دون قصد - ما يشبه شبكة دعم اجتماعي يمكنها حل بعض المشكلات الفردية أو تلك التي تحصل بين مختلف الشرائح الاجتماعية وهو ما قد يساهم في التخفيف من أي احتقان قد يكون تشكل نتيجة التنافس والتدافع الاجتماعي، كما تمنح راحة نفسية للمشاركين فيها؛ لكونها تعد متنفسًا لأفراد المجتمع للتعبير عن وجهات نظرهم.

أما حينما تتم ممارستها بين الأطفال فإنها تغرس فيهم حب القراءة وتقفز بهم بعيدًا في مجال حب العلم وعالم الكتب بسبب الأجواء الحميمية والحماسية التي تخلقها فيما بينهم، محررة إياهم - ولو لبعض الوقت - من أسر الأجهزة الذكية وتطبيقات شبكات التواصل الاجتماعي.