تحدي البقاء
كثرت التحليلات الاقتصادية والسياسية المختلفة بخصوص كيفية انطلاق فيروس كورونا ومن المسؤول عنه وماذا ستكون تبعات الجائحة الاقتصادية على العالم أجمع لكن تبقى الحقيقة التي نعيشها الآن أن العالم ما زال يواجه هذه الأزمة ويحاول السيطرة عليها بكل الوسائل الممكنة، وكل ما تبعها من قيود اجتماعية واقتصادية ودينية يؤكد لنا أن حياتنا ستكون مختلفة جدا حتى بعد انتهاء الأزمة، مما يجعلنا نفكر كيف نستطيع مستقبلا مواجهة مثل هذه الأزمات وآثارها بسهولة وكيف نتعلم ونتقن مهارات النجاة في الظروف الصعبة.
دائما ما نقول إن الضربة التي لا تقتل تقوي وها نحن الآن نتلقى ضربة ليست ببسيطة وبقدر قوتها ستجعلنا أقوى إن شاء الله. ما نحتاج للتفكير فيه من الآن وحتى ما بعد السيطرة على الفيروس وانتهاء الأزمة بإذن الله هو وضع خطة طوارئ بأهداف قريبة المدى مع التخطيط طويل الأجل لنصبح دولة قوية تستطيع النجاة في مواجهة تحديات البقاء. فعلى المدى القريب سنحتاج إلى تدابير احترازية ليست فقط أمنية إنما صحية في المطارات وجميع المنافذ البرية والبحرية. سيحتاج البعض لإعادة تأهيل جسدي ونفسي بعد مدة الحجر لذلك يجب أن نخطط لكيفية احتواء الأعداد الكبيرة التي توقف علاجها سواء كان جراحة، علاجا بالإشعاع أو غيره بسبب الظروف الحالية.
سيكون لدينا الكثير من المتضررين جراء توقف مدخولهم خصوصا من يقتصر مدخوله على عمل خاص كبائعي التجزئة وغيرهم، لذلك يجب أن يبرز دور الشركات الخاصة ورجال الأعمال الآن بتبرعهم للجمعيات الخيرية، ويعد إطلاق الصندوق المجتمعي كمبادرة من وزارة الموارد البشرية والهيئة العامة للأوقاف لاستقبال المساهمات المجتمعية من القطاعات الحكومية والشركات ورجال الأعمال دعما للجهود الحكومية للحد من آثار الأزمة على الفئات الأكثر تضررا فرصة للشركات الخاصة ورجال الأعمال لدعم الوطن في هذه الأزمة. نحتاج أيضا لأن تعمل الجمعيات الخيرية بفعالية وشفافية أكثر بأن تعلن عن جميع التبرعات التي تصلها، تحصر المتضررين من أسر وأفراد وكيفية توزيع تلك التبرعات عليهم.
يجب علينا كمواطنين استهلاك المؤن باتزان في هذه الفترة وما بعدها وعدم تكديسها في المنزل لأن ذلك سيؤثر على الآخرين ويخلق نوبة من الهلع لا مبرر لها ومن ثم التزاحم في المحلات. يجب علينا أيضا الترشيد في استهلاك الطاقة والماء لأن الإسراف في استخدامها سيزيد من الأعباء علينا وعلى الدولة على حد سواء في وقت نحن بأمس الحاجة فيه لتخفيف الأعباء عنا وعن الوطن.
لقد أرسل الوطن الكثير من المبتعثين للدراسة في الخارج ولم يبخل عليهم أبدا ونحن الآن في حاجة لعصف ذهني ولمشاركة كل مواطن وخصوصا المبتعثين وبما تعلموه في الخارج بأي فكرة ذكية بإمكانها المساعدة في تخفيف آثار الأزمة الحالية أو الأيام القادمة.
وعي المواطن هو سلاحنا الأكبر في هذا الوقت وفي كل وقت فأبسط ما نستطيع عمله الآن كمواطنين البدء بنشر وزيادة الوعي في المجتمع بمختلف الطرق وعلى مختلف الأصعدة وذلك بالتحقق قبل نشر أي موضوع وتفادي نشر الشائعات.
مما لا شك فيه أن هذه الجائحة ستعيد تشكيل العالم وستجبر الكثير من البلدان على فرض سياسات واحترازات جديدة حماية لها ولمواطنيها ونحن أيضا سنحتاج لتطبيق بعض القرارات العاجلة مع التخطيط الذكي والتنفيذ المتقن طويل المدى لكي نصبح دولة قوية تجيد مهارات النجاة والبقاء على قيد الحياة في مواجهة الأزمات.