احترس .. أمامك امرأة !!
للغموض أوجهٌ كثيرة في مجتمعنا ، و لعل من أبرز أوجه هذا الغموض هو علاقة الرجل بالمرأة التي لم يوجد لها وصفاً مُقنعاً حتى الآن على الأقل في نظري و نظر ثٌلَّةٍ من المتأملين ، و لم تقبل هذه العلاقة التفكيك أو التحليل أو القسمة على اثنين حتى اللحظة برغم المحاولات المستميتة ، ففي الوقت الذي يُبدي فيه المجتمع رفضه للعلاقة بين الرجل و المرأة و عدم تقبّله لأي احتكاك بين الجنسين ، نجد بعض الأماكن تحمل اختلاطاً لهذين الجنسين مثل المستشفيات و العمل الصحفي و بعض الشركات والبنوك و بعض أقسام الوزارات الحكومية كأقسام وزارة الإعلام ، و في الوقت الذي تتعالى فيه صيحات الكثيرين رافضةً مجرّد الحديث بين الرجل و المرأة ، نجد أنَّ هناك الطبيبة التي تكشف على الرجل المريض و تعالجه و قد يستدعي ذلك تجريده من ثيابه وقت الكشف أو رفعها على أقل تقدير ، و في المقابل نجد الطبيب الذي يقوم بتوليد المرأة !!
و أتسائل في نفسي : هل ما يحدث هو ثقافات مختلفة و تيارات اجتماعية متصادمة ؟؟ أم هو مجتمعٌ واحدٌ متناقضٌ و يُقدِّم تنازلات و يُجَزّأ المبدأ الواحد الذي لا يَتَجَزَّأ و يُحمِّله استثناءاتٍ لا يحتملها ؟
فعندما ينشب شجارٌ أمام معرض الكتاب بين مجموعة من المُتزمّتين دينياً و رجال الأمن بداعي وجود الاختلاط في المعرض ، نجد أن هناك اختلاطٌ من نفس النوع في المكتبات التي تُقدِّم نفس الخدمة الذي يقدمها معرض الكتاب و هو بيع الكتب و لا يواجه هذا الأمر ذات الاستهجان و موجات الغضب ؟! .. و في الوقت الذي نجد فيه مَنْ يُحارب عمل زوجته خشية اختلاطها بالرجال نجد أن لديه في المنزل خادمةً هو و أولاده يختلطون بها ، و مَنْ يمنع زوجته و بناته من ركوب سيارات الليموزين لذريعة الاختلاط نجد أن لديه غرفة خاصة في البيت لسائقٍ خاصٍ يقل أسرته من مكانٍ لآخر ، و قد يتنقل بهم من مدينة لأخرى إذا لزم الأمر .
ضعنا فعلاً بين لافتاتٍ من نوع (( للعائلات فقط )) و (( ممنوع الدخول لأقل من 18 سنة )) ، و بما أنني تخطيت الـ 18 عاماً سوف أصف لكم شعوري يا أصدقائي مع لافتات (( للعائلات فقط )) ، فعندما أذهب لمجمعٍ تجاريٍ لشراء غرضٍ شخصيٍ لي أو هديةٍ لوالدتي أو زوجتي أو ابني و يصعقني رجل الأمن الذي يقف على بوابة المجمّع بعبارة : (( يا الطيب .. عوايل بس )) ، حينها أشعر بالإهانة و الله ، كيف لا و هو يوجه سهم الطعن في سلوكي بمنعي من الدخول للمكان خشية أن أقوم بمعاكسة أيّ فتاةٍ أو إعطائها رقمي ؟.. كيف لا و هو يضعني سلفاً في لائحة المنحرفين و الطائشين قبل أن أبدي أيَّ تصرفٍ ؟!
في مجتمعي ، شعرت أنني وحشٌ كاسر ما إن أرى أيَّ فتاةٍ إلا و سأنقضُّ عليها انقضاض الأسد على فريسته و سوف أسلبها أعزّ و أغلى ما تملك ، لكن ما أن أسافر للخارج و أشاهد النساء في الأماكن العامة بمختلف الهيئات و الأزياء إلا و أجد أن ما بداخلي ما هو إلا عصفورٌ مسالمٌ ، بل هو أعظم من ذلك ، ما بداخلي هو إنسان يحمل كل معاني الإنسانية ، إنسان يحمل الاحترام و الود للبشر رجالاً و نساءً ، لكن للأسف لم أكتشف إنسانيتي إلا خارج وطني ، لأنني كنت أُعامل في وطني على أنني وحشٌ يُخشى على النساء منه ، و يجب حظرهم عنه .