‏‫الجنادرية.. 33 عاماً من الريادة

يُعدّ المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية»، أحد أشهر وأعرق المهرجانات الوطنية التي تحظى باهتمام كبير وعناية فائقة من قبل قيادة هذا الوطن، ممثلة بقائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي يحرص دائماً على افتتاحه، وكذلك الاهتمام من قبل المجتمع السعودي بمختلف ألوانه ومستوياته، والذي يجد في هذا الكرنفال السنوي ملحمة وطنية ملهمة، تؤكد عمق وتجذر الهوية والأصالة السعودية، وتؤصل قيمة ومكانة التراث في الثقافة الوطنية.

ويُعتبر قطاع المهرجانات والملتقيات والفعاليات والاجتماعات الوطنية والذي يملأ روزنامة الوطن، إحدى أهم القوى الناعمة التي آن لها أن تُصنع وتُستثمر بالشكل الذي يتناسب وحجم هذه القوى والثروات والإمكانات الوطنية، لتُسهم في رفد ودفع عجلة التنمية الوطنية الشاملة والمستدامة.

إن توطين وتمكين هذا القطاع الحيوي المهم في فكر ومزاج صنّاع القرار والمؤسسات والأذرع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، العامة والخاصة، أصبح ضرورة ملحة، وليس مجرد محاولة حالمة لاستعراض ملامح ومعالم هذا الوطن الكبير. المهرجانات، وفي مقدمتها «الجنادرية»، قوى ناعمة كبرى وأذرع اقتصادية مؤثرة، تُسهم وبشكل واضح في تنويع مصادر الدخل الوطني، وهو الهدف/ الملف الأول في «رؤية المملكة 2030».

وحتى نقترب كثيراً من أهمية وخطورة وتأثير صناعة المؤتمرات والمهرجانات والفعاليات والمعارض في واقع الدول، لاسيما المتقدمة، أضع أمامك هذه المعلومة المثيرة والموثقة وهي: في الولايات المتحدة الأميركية تُعتبر صناعة المؤتمرات والمهرجانات والمعارض أقوى وأثرى من صناعة السيارات التي تُعتبر فخر الصناعة الأميركية.

ويُعتبر مهرجان الجنادرية الذي يُجسّد اهتمام قادة الوطن بالتراث والثقافة والقيم العربية الأصيلة، هو الحدث الأبرز والأهم، والذي تحوّل إلى «جسر عبور» ما بين الماضي والمستقبل، مروراً بحاضرنا الجميل الذي نعيش أجمل فصوله. هذه التظاهرة الثقافية الرائعة، صاغت وبشكل أنيق، أنشودة متناغمة بين موروثاتنا الشعبية التي نفخر بها، وإنجازاتنا الوطنية التي تشهدها «السعودية الحديثة» التي تعيش تحولاً وطنياً مذهلاً طال كل الصعد والمستويات.

«وفاء وولاء»، هو عنوان وطن، وهو عنوان هذه النسخة الـ33 من هذا المهرجان التراثي الملهم، والذي يتضمن العديد من الفعاليات والمبادرات، أهمها قرية الجنادرية التي تُمثّل «ملامح وطن»، كل الوطن، حيث تستقبل على مدار ثلاثة أسابيع أكثر من 10 ملايين زائر من المواطنين والمقيمين والزوار من دول الخليج، كذلك جسّد أوبريت «تدلل يا وطن» الذي صاغ كلماته شاعر الوطن المبدع فهد عافت، عشق السعوديين لوطنهم الجميل، كما منح المهرجان وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى لكل من الدكتور علي الدفاع عالم الرياضيات العالمي، والأديب عبدالفتاح أبو مدين الرئيس السابق للنادي الأدبي الثقافي في جدة، والدكتورة سمر الحمود الباحثة والجراحة الشهيرة، ويأتي تكريم هذه الرموز السعودية الملهمة نظير إسهاماتها وإنجازاتها للوطن في عدة مجالات، وهناك أيضاً البرنامج الثقافي الذي يُصاحب المهرجان، والذي سيتناول في محاضراته وندواته بعض المحاور والقضايا والتجارب التراثية والثقافية والسياسية.

إن رسالة هذا المهرجان الوطني الرائع، هي تجسير تاريخنا المجيد بحاضرنا الزاهر للوصول لمستقبلنا المشرق، وهي بلا شك رسالة رائعة، ولكن ثمة رسائل أخرى تستحق أن تُثبّت في مسيرة هذا الكرنفال الوطني الكبير، ولعل أهمها هو أن يتحوّل إلى قوة ناعمة سعودية تُسهم في تنمية الوطن.

كاتب مهتم بالشأن السياسي والاجتماعي والوطني