بدون كلام

اشتكت الزوجة من زوجها بأنه لا يتحدث معها أو مع أبناءها أثناء وجوده في صالة العائلة، يجلس معنا بجسده فقط وعقله وقلبه مع الآخرين في العالم الافتراضي، يضحك ويبتسم ويتسامر مع أصدقاءه في الجوال الذي بين يديه، وعندما يأتيه طفله الصغير ليلعب معه يزجره ليبتعد عنه ولا يعكر مزاجه، وعندما استمر الحال مدة طويلة، تكلمت الزوجة معه بنقاش حاد بأن ينتبه لعياله ويتحدث معهم ويحاكيهم ويعرف متطلباتهم، ويراقب سلوكياتهم، ويوجههم ويعلمهم ويربيهم ويرشدهم نحو الطريق الصحيح، ويشعرهم بأنه أباهم يحتويهم بقلبه وابتسامته. انزعج الأب من هذا النقاش، واختصره بقوله: أنت مسؤولة عن البيت وعن تربية العيال، فأنا مسؤوليتي أوفر لهم الطعام والشراب. فاحتارت الزوجة بأمرها، ماذا تفعل معه إذا كان تفكيره بهذا المستوى؟.

تربية الأبناء مسؤولية الطرفين الأب والأم، فهما عمدان أساسيان في التربية والتعليم، وأول ما يتأثر الطفل من أسرته ويأخذ من سلوكيات البيت ليتعلم قبل الانخراط في المجتمع، إن تعلم الخير والسلوك الطيب فأصبح دأبه الخير في مجتمعه، وإن تعلم الصراخ والعصبية من البيت فتعامل مع الناس بنفس ما عومل به في بيته، لذا تربية الأبناء تنطلق من الأسرة التي هي نواة المجتمع الصالح، فإن كانت الأسرة صالحة وأساسها سليم وارتباط أفرادها قويًا بالمحبة والمودة، فسيكون انطلاق أفرادها نحو المجتمع محصنين بالهداية والإيمان ويتمتعون بصفات رائعة كالثقة بالنفس والتميز والتعامل الحسن بالأخلاق المحمدية وعمل الخير والابتعاد عن كل شر.

بعد انتشار وسائل الاتصالات الجديدة والتكنولوجيا المتقدمة، بدأ التواصل مع أفراد المجتمع مقتصرا على الرسائل في قنوات التواصل الاجتماعي، ويكتفي كل فرد بما تم إرساله، كالتبريكات والتعزية والدعوات والاطمئنان على أحبته، والمسامرة مع الأصدقاء والمواقف الجمالية كلها أصبحت مقروءة أو مسموعة عن طريق جهاز الجوال، فكل العالم القريب والبعيد أصبح بين يدي الإنسان، وهذه نعمة كبيرة بأن تكون ملما بما حولك مستخدما العلوم الجديدة في منفعتك ومشاركة مجتمعك وبناء وطنك، وأما إذا كانت هذه الوسيلة تؤثر على حياتنا الأسرية والمجتمعية والوطنية فهذا الأمر غير مقبول لا منطقا ولا عقلا.

دعونا نأخذ جولة على مراقبة أنفسنا وأفراد أسرتنا، عندما نجلس جميعا في مكان واحد، كل فرد منا يمسك جواله ويتكلم مع الآخرين في العالم الافتراضي تاركا الحديث مع أقربائه ومن حوله، الأم والأب والأولاد والبنات، أصبح الحديث مع أفراد الأسرة مقتصرا على الواجبات والمهام التي يتم إنجازها، فأين المواقف الجمالية بين الأخوة والأخوات، وبين الزوج وزوجته؟، فما أجمل الحديث العائلي إذا مليء بالمحبة والمودة والرحمة، فحديثهم سعادة وبهجة القلوب وأنس المحبين. فأنهم عزوتي وأهلي وسندي وأحبابي فلا أستغني عنهم مهما تقدمت الصناعات والتكنولوجيا.

الأقرباء والأهل هم من يقفون معك في أزماتك وحل مشاكلك ويخافون عليك ويشاركونك فرحتك وسعادتك فإنك منهم وتنتمي إليهم، ولو كان بالدعاء والكلمة الطيبة. فلا تستبدلوا أحدا بأهلكم وأقربائكم، فهم المقربون إلى قلبك ولهم مكانة خاصة عندك، سعادتك وبهجتك عندما تراهم سعداء بتحقيق إنجازات ونجاحات يرفعون اسمك واسم عائلتك، فافرح لهم وشاركهم السعادة، وأما الأخرين المحبون لك فكن معهم باحترام وتعامل حسن، فعندما تنتهي الشراكة بينك وبينهم سينشغلون عنك، فكونوا بلسما وبهجة وسندا لآبائكم وأمهاتكم وإخوانكم وأخواتكم وأهلكم. كما قال الرسول الكريم : «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي». دمتم لأهلكم سالمين

سؤال التحدي الأسبوعي: ما أصغر عدد يمكن طرحه من 3737 حتى يقبل القسمة على 11؟

أ» 6 ب» 7

ج» 8 د» 9

جواب سؤال التحدي للأسبوع الماضي: 11