مواقع التراث السعودي تُبهر العالم

يبدو أن مسلسل النجاحات السعودية للتراث الإنساني العالمي متواصلة ومتوهجة، فقد سُجل قبل عدة أيام ”الفن الصخري الثقافي في منطقة حمى الثقافية في نجران“ كسادس موقع تراثي سعودي في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ”اليونسكو“، وذلك لما يحمله هذا الموقع التراثي الثقافي من قيمة استثنائية للتراث الإنساني العالمي. وتُعد هذه المواقع التراثية العالمية التي تُسجلها ”لجنة التراث العالمي“ في منظمة اليونسكو والتي تجاوزت الألف موقع عالمي موزعة على أكثر من 150 بلداً حول العالم، أهم وأثمن الكنوز البشرية والتراثية والطبيعية والثقافية ذات القيمة العالمية الاستثنائية التي يجب المحافظة عليها، لتكون رمزاً ملهماً لكل الأجيال، وأيقونة شاهدة على كل العصور.

وقد انضمت ”آبار حمى الثقافية“ إلى جانب المواقع التراثية السعودية الخمسة المسجلة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، حيث كانت البداية في عام 2008 لمدائن صالح في العلا، ثم حي طريف في الدرعية التاريخية في عام 2010، ثم جدة التاريخية في عام 2014، ثم الرسوم الصخرية في حائل في عام 2015، وكانت واحة الأحساء هي الموقع السعودي التراثي العالمي الخامس الذي تم تسجيله في هذه القائمة العالمية الشهيرة وذلك في عام 2018.

وتُعد حمى الثقافية من المواقع التراثية المهمة في منطقة نجران التي تُعدّ متحفاً تاريخياً حياً، يضم أكثر من 100 موقع أثري وتاريخي وسياحي، تتصدرها الأيقونة التاريخية المذهلة ”مدينة الأخدود الأثرية“، التي ذكرت في القرآن الكريم والكنز البشري الذي لا يُقدر بثمن، وتقع حمى الثقافية على مساحة 557 كلم مربعاً، وتضم 550 لوحة للفن الصخري بها مئات الآلاف من النقوش والرسوم الصخرية، وتُعدّ واحدة من أكبر مجمعات الفن الصخري في العالم، كما تقع عند نقطة مهمة في طريق القوافل القديمة وطرق التجارة التي تعبر الأجزاء الجنوبية من شبه الجزيرة العربية.

الاهتمام العالمي الكبير بمواقع التراث ومصادر التاريخ في المملكة، يؤكد بلا شك قيمة ومكانة هذه الأرض الضاربة في جذور الحضارة وأعماق التاريخ، فالمملكة ليست مجرد قارة مترامية الأطراف والمساحات والفضاءات والاتجاهات، ولكنها أيضاً قارة قائمة ضخمة مزدحمة بالواحات والبحار والصحارى والجزر والأودية والجبال والنباتات والرقصات واللهجات والفلكلورات والموسيقى والمأكولات الشعبية والمشغولات التقليدية.

وهنا لا بد من كلمة حق وشكر لأميرنا الشاب بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة ورئيس مجلس إدارة هيئة التراث، لكل ما يقوم به من جهود ومبادرات رائعة لحفظ وإبراز التراث الوطني السعودي بمختلف أشكاله وألوانه، فمنذ توليه مهام وزارة الثقافة في عام 2018 وهي بلا شك فترة قصيرة جداً، إلا أنه يُسابق الزمن لوضع المملكة في صدارة الدول المتقدمة في مجال التراث الإنساني، وفي عالم الثقافة بشكل عام.

تسجيل المواقع التراثية العالمية السعودية لن يتوقف بإذن الله، وكم أتمنى أن تكون ”قلعة تاروت التاريخية“ التي بناها العيونيون قبل ألف سنة على أنقاض هيكل عشتاروت إلهة الحب والجمال والخصب عند الفينيقيين قبل 5 آلاف سنة، والتي رممها البرتغاليون في القرن الخامس عشر الميلادي، وشهدت الكثير من الأحداث والمواقف والحكايات، وكانت شاهدة على تعاقب العديد من الحضارات والأمم والشعوب، كم أتمنى أن يُعاد تأهيلها لتكون ضمن المواقع التراثية السعودية العالمية في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو.

كاتب مهتم بالشأن السياسي والاجتماعي والوطني