مشكلة الفوضى بين المجتمعات والأفراد

في هذه الحياة أشخاص نعرفهم وهم أصدقاؤنا، نجلس ونخرج معهم، ونرى أن لديهم الأخلاق الحسنة والعادات الطيبة، بل نشعر بالراحة والانجذاب تجاههم لدرجة تصل إلى أننا عندما نرى أشخاص يخطئون في حقهم نقوم بالدفاع عنهم والوقوف معهم، من خلال ذكر محاسنهم وصفاتهم الإيجابية بسبب حبنا واحترامنا لهم وحسن العشرة بيننا وبينهم.

والشخص الذي لا يملك معرفة واسعة حول ذلك الشخص الغريب قد يرتكب خطأً وظلمًا بحقه عندما يتحدث عنه بسوء ويرمي عليه الكلام السلبي في المجالس وغيرها من أماكن أخرى، لأنه في الأصل لم يلتقِ به على أرض الواقع ولم يتعرف عليه، فكل هذه الأحاديث ناتجة عن انتقام وحسد وسوء ظن، إضافة إلى ذلك حب نشر الفتنة بين أفراد المجتمع.

وهؤلاء العينات الذين يتسرعون في أخذ الأحكام المتسرعة تجاه الناس دون معرفة لهم يعانون من مشاكل وعقد نفسية في شخصياتهم، خاصة عندما يرون أشخاص معينين جالسين في مكان محدد؛ فيذكرون صفات صديقهم الطيب والخلوق ومدى محبتهم له.

فهناك أشخاص لا يرتاحون، بل يحقدون على كل إنسان يحمل سلوكيات جميلة وإيجابيات، ولهذا ترى هؤلاء ينقبون عن سلبيات وزلات الإنسان الذي يكرهونه، إما بسبب سوء الفهم أو النية لديهم وأحيانًا يكون ذلك؛ بسبب تصديق القيل والقال تجاه ذلك الإنسان دون التعرف عليه والسؤال عنه من قبل الأفراد الأوفياء والأمناء الذين يعرفونه بشكل كبير ودقيق.

فليس كل شخص غريب عنا ولا نعرفه شخصيًّا يعد شخصية شيطانية وشريرة؛ فهذا المفهوم الخاطئ جعل مجتمعاتنا المعاصرة تقع في مستنقع الفوضى والدمار النفسي والخراب، وكل ذلك بسبب النظرة الضيقة تجاه الشخصية غير المعروفة، وخصوصًا لو كانت تسيطر علينا تلك الأفكار السلبية والاعتقدات الخاطئة التي تجعلنا نسئ الظن بالناس ونحكم عليهم من أول نظرة ولقاء.

ليتنا نتريث في طريقة تعاملنا مع الغرباء والناس بشكل عام حتى لا نظلمهم ونعتدي عليهم وعلى حقوقهم، وأن نأخذ فترة طويلة عند لحظة التعرف عليهم وعلى شخصياتهم البشرية.

- ومن هنا نتعلم إنه لا يحق لنا أن نتهم فلان محدد بصفات سيئة وهو لا يحملها، خاصة ولو كان شخص غريب:

وفي هذه الحياة كما قلنا نرى إنسانًا في مواقع التواصل الاجتماعي كالواتساب والانستقرام والفيسبوك وغيرها من مواقع أخرى، وبعد ذلك نتحسس منه بسبب صورة معينة التقطها باتباع حركة ونظرة معينة وأحيانًا نحكم عليه بسوء من خلال موضوع قام بنشره أو كلمة أو جملة قالها ونشرها على الملأ، وكل ذلك يكون بسبب سوء النية أو الفهم.

فليس من الحق أن نتهم فلانًا بأقوال وأوصاف سيئة ونحن لا نعرفه ولم نلتقِ به ونجلس معه، وعلى سبيل المثال نوجه له اتهامات في مواقع التواصل الاجتماعي بأنه مثلًا شخصية حاقدة أو متكبرة أو مغرورة أو ضعيفة أو حسودة أو شريرة، وغيرها من أقوال وأوصاف أخرى تميل نحو الظلم وارتكاب الخطأ في حق الطرف الآخر.

هذا أمر واقعي يحصل بين المجتمعات والأفراد التي تتحسس من كلام الشخصيات التي تطرح موضوعًا معينًا في المجتمع أو مواقع التواصل فتراهم بكل وسيلة وتصرف يسعون للبحث عن الزلات والهفوات تجاه تلك الشخصية التي يكرهونها ويحقدون عليها، إما بسبب التحسس أو سوء الظن، وأحيانٍا تكون نتيجة وجود اختلافات بينهم وبينها.

ولأن الطرف المتحدث اختلف معهم في كلام أو فكرة محددة وحقدوا عليه، وهذا أمر طبيعي فكل الناس تختلف طريقة كلامهم وأقوالهم ومواضيعهم التي تطرح في كل مجتمع إنساني، فلا تتحسس من القائل بكثرة وتتهمه بأوصاف سيئة بل أجعل نيتك حسنة تجاهه واستمع للرأي أو الفكرة.

وإذا رأيت أن هناك خطأ في هذا الجانب تناقش وتحاور بهدوء واطرح ملاحظاتك ورأيك بأسلوب محترم وهادئ بعيدًا عن الاعتداء وتصيد الزلات على الآخر، فهذه الأمور تسبب فتنة وتعمل على تدمير النفوس كأن تزرع بين الناس سلوك التخريب والضغائن والانفعالات المنفلتة، وبهذا يفقد كل طرف أعصابه فتنتشر الفوضى بين الناس.

وإذا شعرت أن هناك أمرًا غريبًا تجاه ذلك الطرح من قبل المتحدث أجعل أولًا الهدف من ملاحظاتك هو التفكير في كيفية تقريب وجهات النظر، وثانيًا إصلاح الخطأ بهدوء وسيطرة على الأعصاب، وثالثًا لا تتوجه للحكم المتسرع على الآخر دون امتلاك المعرفة والقدرة على النقاش والحوار، وذلك حتى لا تشعر بالعصبية الشديدة فتقود نفسك والآخرين للتهور والطيش الذي يخلق فوضى بين أفراد المجتمع.