في خاطري

في خاطري لو ألقى صديقاً صدوقاً صادق الوعد منصفاً، يكون معي كما لو هو أخي وأكثر يصدقني في كل علاقاته في كل كلامه في كل تصرفاته لا يجاملني في صغيرة ولا كبيرة يكون مصداقاً للصديق الحقيقي الذي يوصلك إلى معنى الصداقة الذي يؤمن من خلاله بالعلاقات القائمة بين الأصدقاء بأنها واقع ليس فيه زيف ولا تملّق.

في خاطري لو أرى صديقاً يعفو ويغفر ويقيل العثرة ويرد الغيبة ويديم النصيحة ويجيب الدعوة ويقبل الهدية ويشكر النعمة وأن يكون متناغم في الصحبة وراعياً للمحبة طيب المعشر والكلام - أين هذا الصديق اليوم، أين غاب هل درسته الأيام أم غيّبته القبور أم أبعده الموت.

في خاطري لو يكون هناك مثقفاً جرئياً في العشرة متواضعاً في الصحبة لا يتكلّف الثقافة ولا يستجدي الشهرة يحترم ثقافته بقدر ما يحب أن يمدحه المخلصون لايتصنّع ولا يتكلّف أمام من هم يرونه بحق لا كما يرى نفسه بل كما يرونه هم، يقض الطرف عن المقدار الذي يعطونه، يعطون حجمه ونفسه وثقافته سواء أكان سلباً أم إيجاباً.

بودّي أن أشاهد مثقفاً حقيقياً يقرأ، يبحث، يطّلع لا يكتفي باللقب والمسمى وهو يجاري المثقفين في نشاطهم فقط ليقال عنه مثقف.

من المفترض أن لا يرى نفسه قد وصل القمة ليظل يستفيد ويبقى ينهل من الثقافة، ولا يرى نفسه «وأني وأن كنت الأخير زمانه... لآتٍ بما لم تستطعه الأوائل».

في خاطري أن أرى تعليماً متمكناً يعمل على سياسة تعليم حقيقي همّه النهوض بمستوى التعليم لا أي شيء غير ذلك.

بودّي أن أرى معلماً همّه الحقيقي أن يخرّج طالباً متمكناً قد أخذ بزمام مادته وليس شغله الشاغل متى تنتهي الحصة، متى ينتهي الدوام، ومتى تبدأ الإجازة.

في خاطري أن يكون هناك معلماً يسعى لكسب طلابه إنسانياً وأخلاقياً وتعليمياً حتى يخلق جواً تُحب من خلاله المدرسة - من قبل الطالب - كم نتمنى أن تكون بيئة مدارسنا بيئة محفزة ويبقى في الخاطر أن لا يعد الطالب الدقائق والثواني للخروج من المدرسة ليذهب إلى البيت وكأنه محبوس في قفص يريد الفرار والهرب منه.

نتمنى أن تكون مدارسنا إضاءة فكر وعلم وثقافة لكل الطلاب ولكل الطالبات لكل الأجيال، لكي تزرع فيهم حب العلم والفكر والمعرفة.