الحياة بين البخل والإسراف

- في هذا الجزء النصي المنفرد نتحدث عن حالة الإسراف والتبذير الزائد وضعف حالة الادخار المالي لدى فئة من جيل الشباب:

يصف الادخار التجميع والحفاظ على جزء من النقود من أجل تكوين ميزانية جيدة في مستقبل، كي لا يحصل لدى الطرف الذي يحتفظ بالأموال أعطال تخلق له توترات نفسية عندما يتعرض لظروف صعبة أو حالة طارئة تؤدي به للعجز عن تحسين وضع الميزانية إذا أراد مثلا إصلاح أعطال بالمركبة الخاصة به أو التفكير في الزواج أو شراء أغراض مهمة تخص أمور الخطوبة والزواج، وغيرها من أشياء أخرى كثيرة.

والشباب في هذا الزمن أغلب الفئات منهم مسرفين ومبذرين ولا يفكرون في اتباع هذه الوسيلة التي تجعل كل إنسان يعيش في رفاهية واستمتاع، بل أفضل من اتباع ذلك القطيع الفاسد الذي يعمل على ملاحقة الأشخاص الذين يصرفون الرواتب الخاصة بهم في أقل من أسبوعين والبعض منهم أحيانا لديه حالة إسراف بشكل مبالغ فيه وهذا أمر خاطئ طبعا ويقطع الرزق والنعمة، لأن هذه الشخصيات لا تملك طرق ومخططات مستقبلية تحقق أهداف جيدة ومريحة.

ونحن لا نبالغ ونقول أن على الإنسان يكون بخيل على نفسه لدرجة يصل لعبادة الأمول وتقديسها وكأنها الإله خاصة ولو كان الفرد عزاب، ولكن يحتاج أن تكون لديه ميزانية وتنظيم للأمور النقدية بين فترة وأخرى كي لا يصبح مفلس فيقوم بممارسة السلف وطلب المال من الناس وبعد ذلك يطالبوه بتلك المبالغ الكثيرة التي ستسبب له مشاكل وضغط عندما يتأخر في استرجاعها لأصحابها، لذلك على الإنسان أن يكون ذكيا في الادخار ولا يستعجل في الصرف بكل ما هب ودب.

ومن هذا الجانب أنا سأفصح للقارئ الكريم كلام وهو أن أبين أن هناك أشخاص يحبون التصوير في حساب السناب شات أو الانستقرام مثلا والذهاب للكافيهات والمطاعم وغيرها من أماكن أخرى ترفيهية ويستمتعون بحياتهم، ولكن في جانب آخر يسعون للحفاظ على جزء من الأموال لأننا علينا احترام النعمة في أوقات محددة وأن لا نسرف في هذا الرزق بشكل مبالغ فيه حتى لا ينزل الله العذاب والمصائب التي تنطبق على البلدان والمناطق والشخصيات التي تعرضت للفقر بعد أن توجهت للتباهي بالفلوس وعبادتها.

ونذكر قصص الأقوام السابقة الفاسدة والمسرفة والمبذرة كقوم مصر والنبي يوسف النبيل والجميل الذي كان يرى ويواجه القوم الذين يعبدون الأصنام ويتلاعبون بالأكل والشراب ومختلف الأمور إلى أن تعرض للفقر الذي أدى بهم ذلك للوقوع في خانة القحط والحروب العسكرية لدرجة أصبح هذا القوم وشبابهم وابنائهم وعوائلهم شرذمة ومتشردين كالأشخاص المتسولين في الشوارع والأحياء والمجتمعات المعاصرة في بعض المناطق.

موضوع يحتاج للتأمل لأن فيه درس وعبرة يجعل الإنسان يشعر بقيمة النعمة في لحظة التعرض لظرف قاسي جدا في فترة من الحياة التي يعيش فيها وهو لا ينظر لحال المساكين وبعض العوائل الفقيرة والمنازل والمربيين الذين لا يملكون القدرة على تهيئة الحياة الكريمة والسعيدة للأولاد والبنات والأطفال والقاصرين التي تكون حالتهم الشخصية والنفسية والمزاجية سيئة، بل حتى أن الملابس التي يرتدونها متسخة وممزقة أحيانا، بمعنى آخر غير نظيفة.

ومن هذا المنطلق على الإنسان أن يشكر الله على كل لحظة طيبة ونعمة جعلته يعيش في راحة وسكينة، ويقول الحمدلله رب العالمين على كل حال ونسأل الله أن لا يبتلينا بالذي يسبب الألم والتوتر والضغط النفسي والمصائب التي تعرضت لها الأقوام السابقة بسبب الإسراف والتبذير.

- في هذا الجزء النصي المنفرد نتحدث عن صفة البخل في مجال محدد:

نتكلم في هذا الجزء عن البخل في موقع معين وهو في مجال النظافة والخوف الزائد من صرف الأموال على اللوشن للجسم وقوالب الصابون والعطور أو بخاخ مزيل العرق أو كريم مضاد التعرق أو نوعية العلبة التي فيها المسحة التي تعمل إلى إزالة رائحة العرق الكريهة بالأخص في فصل الصيف الذي يكون فيها الجو الحار، وحتى في فصل الشتاء يتعرق الإنسان إذا جلس لفترة طويلة دون تغطية الرائحة الكريهة بأي نوع من مستلزمات التطيب والنظافة.

وتخيل في بالك أن فئة من الناس تبخل على شراء المسحة التي تزيل العرق وهي التي تكون على الأقل بسعر «12» ريال أو أكثر بقليل، ومثال على ذلك عندما تكون في بيئة عمل ومشاريع أو أي مكان في منطقة محددة ومن هنا ترى موظفين برتبة عالية أو عمال برتبة جيدة وأجانب «باكستاني، وهندي، ونيبالي، وغيرها من جنسيات أجنبية أخرى» بل وحتى أن بعض السعوديين يبخلون على شراء هذه المستلزمات وبعضهم لا يستحم لأيام محددة.

وتخيل نفسك مثلا وأنت ذاهب لموقع العمل تشم مختلف الروائح الغريبة التي تثير الاشمئزاز والقرف الذي يجعلك تشعر بالدوخة وأحيانا عندما تدخل منطقة المكتب أو المشروع الخارجي عندما يكون الناس على حالة الصيام، ما بالك إذا جلست معهم في السيارة وتتحدث وأنت قريب منهم وجه لوجه فمن الممكن ستتوجه إلى لعن الساعة واللحظة التي جعلتك تتقرب من ذلك الشخص الذي تشم من قبله رائحة الثوم والبصل المتواجد في الملابس والجسم من دون وضع مزيل عرق.

مثل هذه الروائح تكون سبب في التنافر والابتعاد والكراهية بين الأصدقاء وزملاء العمل بل وحتى عندما تتعرف على جدد وغرباء تشم منهم رائحة غريبة من قبلهم وتقوم بلعن الساعات واللقاءات التي جعلتك تلتقي بهم، وأحيانا ترى تلك الأقمصة والسراويل الممزقة والمتسخة التي لم يتم تغييرها لمدة تقارب أسبوع، وفي بعض الأوقات فئة منهم لا تغسل الملابس في الغسالة مما يجعلك تشعر بالقشعريرة والاشمئزاز في داخلك وجسمك.

وتخيل في بالك موظف برتبة سوبر فايزر أو سنير متخصص في مجال معين ولم يذهب ولا يوم إلى البقالة ويشتري مزيل العرق الذي يكون السعر الخاص به رخيص جدا وهذا لم يؤثر على معيشة حياته وراتبه الرفيع، ولكن في جانب آخر موظفين شباب جدد وبرتبة جيدة ومريحة نوعا ما - الحمدلله رب العالمين - يتوجهون للاعتناء بالنظافة وإستخدام مزيل العرق والعطور الفرنسية وغيرها من عطور تجعلك تشم رائحة الياسمين أو العنبر أو الفانيليا أو المسك وغيرها من روائح جميلة تؤدي للأحساس بالراحة وتعم وتفوح رائحة العطر في المكان كالمكتب مثلا.

نسأل الله أن لا يبتلينا بحالة البخل بالشكل المبالغ فيه والتي تجعل الإنسان يخاف ويتوتر بشدة لدرجة إنه ينسى أن يحافظ على النظافة التي تعتبر عامل مهم للنجاح في العلاقات الاجتماعية والعملية، والدين الإسلامي هو دين النظافة الذي يشجع ويوجه البشر على التطيب بين فترة وأخرى عندما يذهبون لأي مكان في أي بلد أو مجلس معين.