الديك الغالب

حبيب حمود
يبدو أننا ماضون في ما كنـّا ماضين فيه طيلة عقد الثمانينيات. ماضون في انشقاق داخلي مفتّت داخل هذا الـ "كرتون" المسمّى القطيف...!

والذين يحترمون أنفسهم عليهم أن يُسمّوا الأمر بأسمائها، لا داعي للغة بلاغية هائمة في مجاز الانفعالات الشعبية، ضدّ عمامة أو مناصرة لأخرى. فالقضية ليست قضية عمامة أو صاحب سماحة أو إمام جماعة. وليست قضية تلاعب بمصطلح الأولويات، وليست مراهنة على ألفاظ هلامية، باسم الوطنية تارة، أو باسم العقيدة تارة أخرى. القضية ـ بكل صراحة ـ تكمن في مفهوم قطيعي صريح يحتفل أكثريتنا بالانضمام إليه..!

هذا ما كنا عليه في الثمانينيات، وهذا ما صرنا إليه بعد الألفية. وما أكثر ما يجمع بين "قطعان" الألفية و "قطعان" ذلك العقد الأسود. فالعمائم هي المحرّك الأساس لخيوط اللعبة الشعبية في القطيف. وقواعد اللعبة قليلة وبسيطة ولا تخرج عن مفاهيم "الطائفة" و "الوطنية" و "العلم" و "العمل". أما أدوات اللعبة فهي ألسنة "المطاوعهْ" وأدبياتهم. ثم على المتحدّث أن يُحدّث ولا حرج. كما على المستمتع أن يُصغي إلى "المندوب السامي" من الله مباشرة إلى حلّ معضلات الوحدة والعقيدة والطائفة والشريحة والفئة والانتماء، ضمن قواعد الكرتون المحدود بسيهات جنوباً وصفوى شمالاً..!

أصبح المندوبون من الله مباشرة أكثر من المستهدفين بالندب. وبات المعممون أئمة. وبات الفرد مسلوباً حتى نعمة التفكير المسؤول، ومحروماً من حرية التعبير عن الرأي إلا في سياق القطيع الذي ينتمي إليه. لقد صدق علينا، تماماً، ما يصمنا به بعض المتشدّدين من أننا نؤجر عقولنا العمائم لتقرّر بالنيابة عنا في كلّ شيء، وتضرب حولنا سياجاً يحول دون حركتنا إلا في محيط المكان الصغير..!

نحن لا نؤجر عقولنا فحسب؛ بل نبيعها بلا ثمنٍ عمائمَ تُصرّ على أن نعيش في التاريخ، ونستورد من التاريخ، ونصدّر للتاريخ، ونحكم بمنطق التاريخ، ونتنفس بحسب إيقاعات التاريخ، ونأكل تاريخاً ونشرب تاريخاً، ونجعله محوراً لكلّ شيء، بما في ذلك بناء تاريخ أحفادنا المقبلين..!

على رجال الدين، في القطيف تحديداً، ألا يزعجونا بمعاركهم الصغيرة، وألا يجروا المجتمع إلى خلافاتهم الشخصية. عليهم أن يكبحوا ألسنة "مطاوعتهم" وأسماءهم المستعارة عن محاولات إعادتنا إلى احتقانات العقد الثمانيني الذي نريد أن ننساه.

على أصحاب العمائم البيضاء والسوداء أن "يحترموا" الناس، لا أن يسوقوهم سوق البهائم. عليهم ألا يُهدروا طاقات المجتمع ومواهبه في صناعة التفكير الموجّه وإعاقة التفكير المسؤول. عليهم أن يدعموا الحريات المسؤولة، لا أن يُسهموا في الفوضى والتفتت والتشرذم.
ج
لقد تعب المجتمع كثيراً من نمط الحياة الانفعالية...!

لقد تعب كثيراً.
التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
قلم رصاص
[ السعودية - ام الحمام ]: 27 / 6 / 2010م - 1:42 ص
من المحزن ان ارى على هذه الشبكة تسويق لاقلام (نكرة) ذات نظرة سوداء وتحمل افكارا مشوشة تبث من خلالها السموم في عقول من يتبع هذا النهج الفاسد والذي يصف علمائنا بالديوك ويصفنا بالقطعان .اتمنى من الاخوة التأمل والنظر فيما يقال قبل النشر.
2
حسين مهدي
[ um alhaumam ]: 27 / 6 / 2010م - 4:37 م
من الواضح نكير مصفف المنشور هنا مدى حقده، وإنفعاله بأن يرى لحمة الخيرين تقود الأمة، و أمثاله تنهق وكلن يرى الناس بعين طبعه