( حبُّوب ) والمجهولون في الأرض
المجهولون في الأرض هم أولئك الذين يتفانون في خدمة الغير، يقدمون خدماتهم بكل حب، لا ينتظرون من أحد جزاء ولا شكورا. لا تكترث بهم منصات التكريم ولا يكترثون لها، يفعلون ما يفعلون بتوجيه من ضميرهم الذي لم يستتر أبدا.
كثيرون هم، سأقتصر هنا على ذكر من له علاقة بما يمكن أن نسميه خدمات ما بعد الموت. في بلدتنا – ولله الحمد – لا تزال هذه الخدمات تقدم لوجه الله، فإحضار الميت وتشييعه وتغسيله وتكفينه وتجهيزه والصلاة عليه وحفر قبره كلها خدمات مجانية، وهذه نعمة كبرى لا نشعر بها، بل قد لا نشعر بقيمة أولئك الذين يؤدونها عن طيب خاطر.
هل نشعر كم هو مهم ذلك الذي يجهز الكفن والآخر الذي يلي تغسيل الميت وتجهيزه؟
هل نشعر بأولئك النفر الذين يحفرون القبر تحت حرارة الشمس اللاهبة أو أيام البرد القارس؟
مهما قلنا فلن نفيهم حقهم.
ولأن أحدهم قد رحل، رأيت أن أتحدث عنه ولو بشيء قليل وفاء لحقه على هذه البلدة.
لعل الكثير منا نسي اسمه الحقيقي، واكتفى باسمه الذي اشتهر به في البلدة (حبُّوب) ، وهو اسم له دلالته، التي لا يخطئها أحد، فصاحبه بالفعل محبوب جعل له الرحمن ودا في قلوب المؤمنين.
لم تأتِ هذه المحبوبية من فراغ، بل كانت وليدة تعامله الفطري الذي استطاع أن يكسب به مودة الناس من خلال ابتسامته الدائمة، واستعداده التام لتقديم ما يطلب منه من خدمة في أي وقت دون كلل أو ملل.
كان – بحسب رئيس الجمعية الأستاذ ماجد العبد العال – الموظف المثالي دائما، لم يكن يتردد في أي مهمة يكلف بها، وكان يؤدي عمله الصعب بشكل متقن مغلف بالإخلاص والتفاني.
إن هذا الموظف البسيط يصلح أن يكون نموذجا يقتدى في كيفية غرس حب العمل في النفس وأنه أساس الأداء المتميز.
قبل 5 أيام من رحيله ذهب إلى الخرج بتكليف من الجمعية لإحضار جثمان الشاب السعيد عماد محمد صالح المرهون الذي توفي في حادث سير، ورفض بعد ذلك أخذ أي أجرة رغم أنه كان في مهمة رسمية، وهذا يكشف عن معدن أصيل وفطرة نقية ونفس عالية يتميز بها.
وأخيرا اختاره الله إلى جواره وهو في مهمة رسمية أيضا حيث كان ينقل مريضة بسيارة الإسعاف إلى أحد المستشفيات الخاصة.
رحمك الله يا ( حبوب ) يا صاحب فكرة جماعة ( البقاء لله ).. رحمك الله يا ( محمد منصور آل شنر ) وأسكنك فسيح جنانه وألهم أهلك وذويك الصبر والسلوان.