انتصار الإرادة

في أحد الأمسيات الهادئة، رأيته في إحدى المناسبات، وقد بدا كشخص آخر تمامًا، مشرق الوجه، تعلوه ابتسامتة رضا وثقة. تقدم نحوي وقال بلهفة: ”ما رأيك؟ أليس هذا إنجازًا رائعًا؟“

ابتسمت وقلت: ”بل أكثر من رائع... كيف وصلت إلى هذه النتيجة الباهرة؟“

تنهد وقال: ”أنت السبب... كلماتك أشعلت في داخلي شرارة الأمل، ومنحتني جناحين للتحليق في فضاء الناجحين. كنت أعيش في ظلال الكآبة، غارقًا في بحر من الكسل، أشعر وكأن حياتي بلا روح. لكن كلماتك دفعتني للتحدي ومقاومة كل تلك الضغوط التي كانت تثقل كاهلي. قلت لنفسي: إلى متى سأظل أسيرًا لهذا الواقع البائس؟ ومن تلك اللحظة قررت الانطلاق!“

ثم أضاف بحماس: ”خرجت من عيادتك محملًا بقرارات عديدة وضعتها فورًا موضع التنفيذ. كنت أعيش حياة خالية من الانضباط، ومن كلماتك استوحيت قاعدة مثالية: التغييرات الصغيرة تصنع الفارق الكبير. بدأت بالعمل تدريجيًا، ولم أسمح للإحباط أن يثنيني، حتى وإن استغرقت المسيرة وقتًا طويلًا.“

كنت أنصت إليه بإعجاب، فتابع قائلاً: ”لقد حددت مشكلتي الرئيسية، وهي أنني كنت غافلاً عن نفسي وواقعي. وقفت يومًا أمام المرآة ونظرت بعمق، وقلت لنفسي: هذا لا يمكن أن يستمر! معرفة الذات كانت البداية. وضعت أهدافًا واضحة، أهمها أن أعيش حياة صحية. تخليت عن العادات السلبية التي كانت تعكر صفو حياتي، واستبدلتها بنمط حياة جديد.“

سألته: ”وكيف فعلت ذلك؟“

ابتسم وقال: ”ببساطة، بدأت أتناول الطعام بعقلانية. كنت فيما مضى ألتهم الطعام بلا وعي، حتى الغثيان. أما الآن، فقد أصبحت القاعدة هي الأكل المنتظم والمحدد. طبقت نصيحتك باستخدام نظام اللقيمات، فصرت أتناول لقمة من كل صنف، وبكميات معقولة. حتى عندما دعاني أحد الأصدقاء إلى مطعم، لقنته درسًا في الطلب السليم: طلبنا أصغر الأحجام، واخترنا العصائر الطبيعية بدلاً من المشروبات الغازية. كانت النتيجة فاتورة بسيطة وصحة أفضل!“

ثم قال مبتسمًا: ”اتبعت نصيحتك أيضًا في شرب الماء بانتظام. أصبح الماء صديقي المخلص، فتخلصت من الإمساك المزمن. أما العشاء المتأخر، فقد استبدلته بعشاء مبكر وصحي، مما جعل نومي مريحًا وخاليًا من الكوابيس. حتى الحلوى والشوكولاتة استبدلتها بالفواكه الطازجة ذات الألوان الزاهية، التي أصبحت جزءًا من يومياتي.“

تابع حديثه قائلاً: ”أما الحركة، فهي سر البركة! في البداية، كان المشي صعبًا، لكنني بدأت تدريجيًا، حتى أصبح لدي برنامج رياضي يومي. لم أسمح للطقس أن يعيقني، سواء كان الجو شديد الحرارة أو الرطوبة. اليوم، أستطيع صعود السلم حتى الطابق الرابع بسهولة، بينما كنت أعجز عن صعود طابق واحد من قبل!“

ضحكت وقلت: ”لنجرب صعود السلم معًا!“

بعد ذلك قلت له: ”لقد ربحت المعركة الأولى بالتخلص من الوزن الزائد، لكن المعركة لم تنتهِ بعد. الثبات على هذا الإنجاز يحتاج إلى إرادة قوية. راقب ذاتك بانتظام، ولا تستسلم لأي مغريات قد تعيدك إلى نقطة الصفر.“

أجابني بثقة: ”أنت محق. النجاح يحتاج إلى استمرارية. التوقف أو التساهل قد يعيدني إلى الوراء، وأنا لا أريد أن أضيع هذا الجهد الذي بذلته.“

كان لقاءً ملهمًا مع صديق قرر أن يواجه أصعب معاركه وينتصر، محققًا حلمه في حياة أكثر صحة وسعادة.

أخصائي التغذية العلاجية