ماذا لو عشنا شخصية ما ؟!

عبدالله فاران

كثير منا شاهد المسلسل الإسلامي الكبير " يوسف الصديق " , والذي كان يشرح حياة النبي يوسف بشيء من التفصيل , وكثير منا أيضا شاهد المقابلة التي أجريت مع كوادر وممثلي ذلك العمل , وقد شدني الممثل الإيراني الصغير الذي قام بأداء دور النبي يوسف عليه السلام صغيرا , حيث كان يتحدث عن تجربته في هذا المسلسل والأثر الذي قد تحصل عليه من خلال تقمصه لهذه الشخصية العظيمة , حيث كان يقول أنه كان يعيش حياة النبوة يوميا , فكان لذلك أثر في كل حركاته وسكناته , مما أثر إيجابا  على شخصيته وحياته الدينية والاجتماعية , وكان له الدور في صقل مهاراته في التعامل مع الآخرين بشكل يأخذ مثاله من شخصية يوسف الصديق .

إن هذا لهو مثال حي أمامنا استفاد من شخصية تاريخية عظيمة , فكان لها التأثير عليه في حياته اليوم , فما أجمل أن يتخذ الواحد منا شخصية إيجابية ومثالية يحاول أن يحاكيها , ويعيشها حتى ينعكس ذلك على حياته الشخصية , ولا نغفل هنا أن اختيار شخصية ما و الاهتمام بها يعتبر اختيارا للقدوة والمثل الأعلى في الحياة ولا يلغي بالطبع الشخصية الذاتية , بل يعتبر محاولة لتطوير النفس في كافة المجالات قدر المستطاع ,  فكثيرة هي الأمثلة على شخصيات صيرت حياتها لأجل أهداف سامية في هذه الحياة يمكن الاستفادة منها .

فمن هنا يمكن لأي شخص أن يترجم شخصية دينية أو علمية أو سياسية أو حتى رياضية على نفسه حتى يحصد أكبر قدر من الاستفادة ,  وليتذكر أن الأهم هو محاولة العيش والذوبان في هذه الشخصية التي تعتبر قدوة ورمزا للفرد .

ويمكن أن تكون النتائج لتقمص هذه الشخصيات هي إحساس القرب من الله تعالى , والتحلي بالسجايا الحميدة , بالإضافة إلى الهدوء الاجتماعي , و زيادة المستوى الثقافي في المجتمع .

وعلينا الحذر كل الحذر من محاولة محاكاة بعض الشخصيات السلبية أو الإجرامية فهي تؤجج حالة عدم الاستقرار في المجتمع , وتشجع على فعل الجرائم المختلفة,  ففي بعض التقارير التي نشرت مؤخرا أن حالات العنف المتفشية في المجتمع الحالي هي نتاج لحالات محاكاة بعض الشخصيات الاجرامية التي تظهر في بعض أفلام " الأكشن "  في هذه الأيام , بل وحتى في بعض الأفلام الكارتونية بالنسبة للأطفال فهي تنمي حالات العنف الأسري والاجتماعي , فكلامنا يصب في اختيار شخصية تدفعك نحو إيجابية أكثر في الحياة , وتقودك نحو الرقي أكثر بشخصيتك .

فلا تنتظر كثيرا , وابدأ الآن  باختيار تلك الشخصية الإيجابية التي تحلم أن تكون أنت محلها في يوم من الأيام , وأطلق عنان خيالك في أسلوب محاكاتها بأسلوب جذاب ,حتى تحقق هذه الفكرة المفيدة  . 

 وهنا أوجه همسة في آذان الآباء بأن يحرصوا على تنمية هذه الفكرة في إدخال أبنائهم في مجالات التمثيل الهادف  وخصوصا تلك التي تخص القضية الحسينية حتى تتجلى هذه الفكرة وتؤتي ثمارها في مستقبلهم فمدرسة الحسين هي تلك المدرسة المثلى التي تضم الكثير من القيم الإسلامية الحميدة  كالإيثار والتضحية والشجاعة  وغيرها .

 علما أن مجالات التمثيل متاحة ولله الحمد في منطقتنا طوال العام  بشكل كبير جدا , فلا تبخلوا على أبنائكم من أن ينهلوا من هذه المناهل الروية التي تنمي  في أنفسهم هذه القيم والمبادئ الرائعة , وأن ويعيشوا حياة العظماء الذين خلدوا بصمات لهم على مر العصور والأيام .