بيت العنكبوت

 إن عصر الجاهلية لم ينته بعد فنحن في عصر التطور نواجه جاهلية متعلمة تدرك و تعي ما تفعل لكنها تصر عليه.

الفحص الطبي قبل الزواج كان مصدر سرور للجميع فقد ظننا أنه إيذان بالتخلص من أمراض وراثية تعاني منها واحتنا الخضراء منذ أمد بعيد لا سيما فقر الدم المنجلي الذي تسبب في فقد كثير من الطاقات الشابة بعد طول معاناة  و ألم.

في جلسة مع عقلاء  تسمع تعداداً لأولئك الذين لم يعن لهم عدم توافق الفحص الطبي شيئاَ و أصروا على عقد القران لحجج واهية والعجيب في الأمر أنهم رأوا معاناة أقاربهم من الأمراض الوراثية و لكن ذلك لم يردعهم عن المضي قدماَ في صنع أكفان لأطفال لم يروا الحياة بعد وكان نسيج هذه الأكفان من ثوب الزفاف الأبيض.

إن الزواج هو مشروع حياة لكن هؤلاء يحولونه بتعنتهم إلى حالات وفاة فهم لا يبنون بيوتاَ بل يصنعون نعوشاَ و يحفرون قبوراَ و لم نسمع بسبب وجيه في أي حالة تمت يقنعنا بحسن ما صنعوا.

وقد أوردت جريدة الحياة مقابلات مع أشخاص عضوا أناملهم ندماَ و لكن الغالبية ذكروا أنهم تزوجوا قبل تعميم مشروع الفحص الطبي  و تمنوا لو أنهم عرفوه . في إحدى القصص المؤلمة ذكر الأب أنه زف ابنته إلى قبرها قبل أسبوع من حفل زفافها إذ كانت تعاني من فقر الدم المنجلي و ذكر آخر أن قلبه تعلق بالفتاة التي تقدم لخطبتها بعد النظرة الشرعية و أصر على عقد القران رغم عدم توافق الفحص الطبي و لكنه دفع الثمن غالياَ بعد إنجاب طفل معاق وندم حين لا ينفع الندم. و قال آخر أن  المستشفى هو بيته الثاني حيث يقضي فيه معظم أوقاته مع طفله المريض.
إن الذين تزوجوا قبل هذا المشروع يحمدون الله حين يرزقون أطفالاَ أصحاء و حتى قبل تعميم الفحص الطبي أصر بعض أولياء الأمور العقلاء على إجراء الفحص قبل أن يصبح الموضوع رسميًا.

الإسلام اشترط الدين و الخلق لقبول الخاطب لكنه أيضا لا يقبل الضرر و لا الضرار .

إن إنجاب أطفال يعانون أمراضاً مزمنة أو إعاقات فيه ضرر على الوالدين و المجتمع.

و في النهاية أتساءل من الذي يتحمل وزر ما يحدث ؟ ! من الذي يجب أن يحاسب ؟! هل يعتبر الصمت و الابتسام ومباركة هذه الزيجات مساهمة جماعية في الذنب ؟! هذا الزواج هو  نسيج عنكبوت وصفه الله سبحانه بأنه أوهن البيوت و التفسير العلمي للآية المباركة يؤكد أن بيت العنكبوت أقوى من الفولاذ مادياَ لكنه يمتاز بالوهن المعنوي حيث تقتل أنثاه الذكر بعد التلقيح و يتغذى صغارها على الأضعف منهم و حين يكبرون يتغذون على أمهم التي أوهنها الكبر .