الشيخ المرهون : الوحدة الإجتماعية طريق لفك الظلامة

شبكة أم الحمام

دعا سماحة الشيخ مصطفى آل مرهون إلى تجاوز الخلافات الإجتماعية وخلق أجواء الحوار بدلا من التناحر والتصادم بين أطياف المجتمع .

جاء ذلك في خطبة الجمعة لهذا الأسبوع التي ألقاها في مسجد المصطفى بأم الحمام .

و قال علينا أن نسيطر على عواطفنا ونحاول أن نحافظ على الهدوء النفسي بأقصى حالة ممكنة، حتى نستطيع أن نصل إلى حلول ترضي جميع أطراف النزاع في كل قضايانا .

كما  دعا لعدم الخوض في القول بغير علم وكأنما جعل البعض من نفسه حاميا للدين ومدافعا عن شريعة سيد المرسلين وهولا يشكل بكله قيمة لها اعتبار .

وفي معرض حديثه عن قضية (معلم الصلاة) المفصول دعا إلى إستخدم كل الوسائل الحضارية لكي يصل صوتنا لأصحاب القرار، ومن خلالهم نبين الظلامة ونوضح الأمور تاركين كل الترهات التي لاتنفع  .

 

نص الخطبة

الحمد لله خالق الخلائق أجمعين، ديان يوم الدين، وأصلي وأسلم على سيد المرسلين، حبيب قلوب العالمين، أبي القاسم محمد وآله الطاهرين. 
قال تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ الأنفال: 46.

يجمع العقلاء على أهمية الوحدة وضرورتها لكل مجتمع ناهض أو متقدم، حيث أنها تؤدي إلى الازدهار والنمو والتقدم. كما أن المجتمع العاقل يعي سلبية التفرق والتمزق الداخلي والخلفية السيئة للصراع بين أبناء الأمة الواحدة، ويكفي أن الصراعات يديرها عادة انتهازيون، سيطر على قلوبهم حب الشهرة وحب التسلط على الآخر، حتى لوكان بالضحك على الذقون وتوريط الآخرين فيما يضر بالدين والعقيدة ومن ينتمي إليها.

تفرقوا شيعا فكل قبيلة           فيها أمير المؤمنين ومنبر

ولا شك إن هذه الأجواء تضعف الأمة وتقلل من شأنها، مما يجعلها لقمة سائغة في يد الأعداء كل ما حانت الفرصة وسنحت.

ولما كنا نعي خطورة هذه الحالة حذرنا القرآن بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ. ويقول تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ.

وقد أمرنا القرآن الكريم بالوحدة: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ آل عمران 13.

ولتقوية هذا الجانب يحثنا الإسلام على حضور صلاة الجماعة وإعمار المساجد وأداء الحج والعمرة والتواجد في رياض العبادة كلما أمكن ذالك، لما فيه من غسل للنفوس المريضة والتقارب الحيوي فيما بيننا بشكل يفرح القلوب ويطيب النفوس.

ولكن يا للأسف دائما ما نجد تجددا لعقلية النزاع والتفرقة وتنامي الخلاف مابين آونة وأخرى، والتي تنشأ حتى من أتفه الأمور، ولربما كبرت الحالة فأصبحت تستنزف القوى والطاقات والأموال، وتشحن النفوس وتسبب القطيعة، ومن هنا ربما يتطلب منا الوضع في كثير من الظواهر الاجتماعية  إلى الهدوء والتأمل لمعالجة ما يجري بالتي هي أحسن. خاصة إننا عندما نبحث عن بعض أسباب مشاكلنا نجد أنها نابعة من سؤ الظن بالآخر والانفعالات النفسية والجهل بحقيقة الأمور، والأهم من ذالك كله عدم التفاهم والحوار فيما بيننا.

كل هذه العوامل وغيرها تساعد على تنامي حالة التوتر والانفعال الذي ربما يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، من ارتكاب الأخطاء الفادحة والمشينة بحق المجتمع الواحد.

ومن هذا المنطلق ولكي نستطيع أن نتجاوز خلافاتنا نقول:

أولاً: علينا أن نسيطر على عواطفنا ونحاول أن نحافظ على الهدوء النفسي بأقصى حالة ممكنة، حتى نستطيع أن نصل إلى حلول ترضي جميع أطراف النزاع في كل قضايانا، مع حذرنا الشديد من أن نستغل أو نستدرج إلى مايخل بالتوازن المطلوب الذي يشكل حالة الاعتدال والوسطية، التي دائما ما تثمر الخير وتساعد على الحفاظ على الروح الرياضية التي ينبغي إن يتحلى بها شبابنا، ولذالك ورد أن المؤمن: (إذا أحب لا يخرجه حبه عن طاعة الله، وإذا أبغض لا يدخله بغضه في معصية الله) وورد في حال المنافق: (إذا عشق شيئا أعشى بصره وأمرض قلبه، فهو ينظر بعين غير صحيحة ويسمع بأذن غير سليمة، قد خرقت الشهوات عقله وأماتت الدنيا قلبه ولهت عليها نفسه) نهج البلاغة.

ثانياً: عدم الخوض في القول بغير علم وكأنما جعل البعض من نفسه حاميا للدين ومدافعا عن شريعة سيد المرسلين وهولا يشكل بكله قيمة لها اعتبار في المجتمع المسئول وعند أصحاب الرأي.

ومن هنا ينبغي عدم الخوض في الفتن بغير علم، وينبغي عدم الحكم على الأشياء من غير مؤهل علمي يسمح بالفتيا والتشريع، لكي لا يقع الإنسان في منزلقات الخطأ والخطر وقد ورد: ( لا تقولوا بما لا تعرفون فإن أكثر الحق فيما تنكرون) وورد : (الناس أعداء ما جهلوا).بل ينبغي التزود بما يقرره أهل الاختصاص، والعمل ضمن دائرة المصالح العامة، وما يقوي الحالة الاجتماعية، ويعزز من شأن الشريعة ويحافظ عليها.

ثالثاً: خلق أجواء الحوار بدلا من التناحر والتصادم، ومحاولة التفاهم في كل ما يساعد على أجواء الوحدة الاجتماعية، لكي نصل إلى بر الأمان والنتائج الجيدة، بتبادل الآراء والأفكار الناضجة، ضمن أسس الحوار المثمر والناجح، قال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ.


إلا أن البعض يتهرب من المواجهة ويلجأ إلى التهريج والتخويف وقطع الأرزاق، ويستعين بالآخرين حتى بتلفيق التهم وإصدار قرارات الفصل من الوظائف، ومع الأسف أن يحصل مثل هذا في مثل حقل التربية والتعليم، بتهميش الآخرين والسخرية بهم، لمجرد أنه مستضعف يمكن النيل منه بسهولة ويسر، خاصة إذا كان ممن ينتسب لمدرسة أهل البيت الذين تعودوا على مثل هذه الحالات في أي مجتمع ضيق التفكير يرمي الآخر بالكفر والشرك والبدع، لا لشيء إلا لأنه يختلف معه فكريا.

ومن هنا فإن علينا أن نستخدم كل الوسائل الحضارية لكي يصل صوتنا لأصحاب القرار، ومن خلالهم نبين الظلامة ونوضح الأمور تاركين كل الترهات التي لاتنفع، مستعينين بالله تعالى ناصر المظلومين.

أيه الأخوة علينا أن نتمسك بحبل الله المتين، وذرية سيد المرسلين، الذين من تمسك بهم نجى ومن تخلف عنهم غرق وهوى، قال رسول الله : ( إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيت ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا) والحمد لله رب العالمين.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
محمد العبد العال _أبو جواد
[ أم الحمام ]: 11 / 1 / 2011م - 2:08 م
أتمنى لخطاب شيخنا العزيزكل التأثير والتجاوب من العاملين داخل اللجان الدينية والاجتماعية .
وأقول بأن ملاذنا هو التقوى لاغير .
2
ABU JAWAD
[ القطيف -اأم الحمام ]: 12 / 1 / 2011م - 8:13 ص
شيخنا الفاضل أحيي فيك هذه الروح الوحدوية ونتمنى أن يلقى الموضوع التجاوب من المؤمنين