نرفض الاتهام لنا بالتواطؤ مع الخارج للالتفاف على المطالب

الشيخ العوامي: المطالبة بالحقوق أمر مشروع ولا يحصل عليها إلا بها

شبكة أم الحمام

 

 

 

أكّد سماحة الشيخ فيصل العوامي على ضرورة وجود إرادة اجتماعية تتمسّك بحق المطالبة بالحقوق التي يكفلها الدين كما تكفلها كافة المواثيق والعهود الدولية، معتبراً إياها الطريق لتحصيل الحقوق المسلوبة سواء على مستوى الحقوق المذهبية الخاصة بنا كطائفة شيعية، أو الحقوق الوطنية العامة.

جاء ذلك في محاضرته لليلة التاسعة من محرم الحرام التي استهلها بالآية الكريمة: ﴿قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (سورة المائدة: 26).

الشيخ العوامي أوضح بأن الآية تشير إلى قضية حدثت لبني إسرائيل مع نبي الله موسى ، حين وقعوا في التيه مدة أربعين عاماً، وبرّر سبب ذلك إلى تكاسلهم عن المطالبة بحقوقهم، إذ بعد أن انتصر موسى على فرعون لم يعد هو وبنو إسرائيل إلى مصر، وإنما خرجوا إلى صحراء سيناء مع ما فيها من صعوبة حياةٍ وقلة مياهٍ، في الوقت الذي أنزل فيه عليهم المنّ والسلوى والينابيع المفجرة... لكنهم لم يرضوا بذلك فجاءهم الأمر أن اذهبوا إلى الأرض المقدسة (أرض الشام)، ومن أجل ذاك بعث إليها باثني عشر نقيباً من لكل سبط نقيب لغرض الاستكشاف فوجدوا سكان تلك البلاد كبار الأجسام وأقوياء، فلما عادوا بالخبر طلب منهم موسى إخفاء الخبر عن بني إسرائيل ولم يلتزم بذلك إلا اثنان منهم، في حين أفشى الآخرون الخبر فقرر بنو إسرائيل عدم الذهاب إلى الأرض المقدسة خوفاً وكسلاً والعودة إلى مصر، ولذلك حرّم الله عليهم دخولها، وفي طريق العودة تاهوا في صحراء سيناء أربعين عاماً حتى مات موسى وهارون في التيه كما مات كل من تكاسل عن تحمل المسؤولية والمطالبة بحقه في دخول تلك الأرض حيث أتى جيلٌ جديد تحمل مسؤولية المطالبة فدخلوها.

وأما السبب الذي من أجله كتبت هذه الأرض لهم، فأجاب العوامي: من أجل أن يجعلهم سادة بعد أن كانوا عبيداً، ثم إنها أرض مليئة بالخيرات.

ساق العوامي ذلك ليخلص إلى المطالبة بالحقوق والمجاهرة بها أمرٌ مشروع ومطلوب، بل لا يمكن الحصول على الحقوق إلا من خلال المطالبة وتحمّل المسؤولية، وكما ورد عن أمير المؤمنين : (لنا حق، فإن أعطيناه، وإلا ركبنا أعجاز الإبل، وإن طال السرى)، وهذا مظهر من مظاهر المجتمعات الناضجة، وبخلاف ذلك فإن هذا المجتمع سيظل في التيه والعناء ومكابدة الحياة.

وأكّد سماحته على ضرورة إيجاد إرادة اجتماعية ضاغطة للمطالبة بالحقوق، فهذا الأمر ليس واجب فئة دون فئة، وإنما هو واجب الجميع.

وأضاف بأن بالحقوق يمكن تقسيمها إلى قسمين: قسم يتعلق بنا كطائفة شيعية لنا حقوق سُلبت منا لأنا شيعة فينبغي أن نطالب بحقوقنا بكل جدّ ومسؤولية، وهذا ما اعترف حتى بعض الكتاب في الصحافة وبعض وسئل الإعلام، وربما حتى من قبل بعض المسؤولين، ولخّص شيئاً من هذه الحقوق والتي منها الاعتراف  الرسمي بالمذهب الشيعي كأحد المذاهب الإسلامية الخمسة، كما أن للدول مذهبها الرسمي الخاص، حتى يقطع الألسن التي تتطاول علينا بالتكفير.

وأضاف أيضا من ضمن هذه الحقوق التي ينبغي المطالبة بها رفع التمييز الطائفي بكل أشكاله وعلى شتى المستويات السياسية والدبلوماسية والعسكرية والتعليمية...، مؤكّدا بأن الطائفة فيها من الكفاءات والخبرات ما يؤهله لمثل هذه المناصب، وشدّد على ضرورة رفع التمييز في المناهج الدراسية بحيث تحترم خصوصية المذهب الشيعي بحيث يُدّرس لأبنائه، هذا فضلاً عن إزالة كل مظاهر التهجم عليه في هذه المناهج، معتبراً ذلك سبباً لاستعداء هذه الطائفة.

كما شدّد على حقٍ آخر وهو حرية المعتقد وحق التعبير عن المسائل الفكرية والدينية، ومن ذلك حرية ممارسة الشعائر الدينية الخاصة بنا وفي كل مكان.

أما فيما يخصّ القسم الآخر من الحقوق وهو الحقوق الوطنية العامة فتعرّض لحق المشاركة السياسية، إذ اعتبر أن من حق المواطن أياً كان انتماؤه (سنةً وشيعة) المشاركة في إدارة شؤون الوطن ترشيحاً وانتخاباً.

وطالب أيضاً بضرورة تفعيل حقوق الإنسان وقوننتها بحيث يعرف المواطن حقوقه وكيفية المطالبة بها، إذ من غير المقبول التعدي على هذه الحقوق.

كما تحدّث سماحته بعض الأساليب التي يحاول الجهات الرسمية الالتفاف من خلالها على هذه المطالب، ومنها محاولة تشويه صورتها بوصفها بـ(العمل الطائفي)، وهو ما يجانب الصواب مذكّراً بأن تاريخ الطائفة الشيعية يشهد لها بالبعد عن هذا الحسِّ البغيض.

وأضاف سماحته بأن المطالب التي تسعى إليها الطائفة تقع المطالبة بالمساواة بين فئات الوطن بلا تمييز بينهم على رأسها، إذ ينبغي أن تكون كل فئات الوطن متساوية في الحقوق والواجبات، مستدركاً بأن من يوصف بـ(الطائفي) هو الذي يتخذ التكفير والحط من الآخرين وسيلة له، وهو بعيد عنا كل البعد.

أما الأمر الآخر الذي من خلاله يحاول البعض الالتفاف على المطالب المحقة للطائفة فهو اتهام الشيعة بالتواطؤ مع جهات خارجية وأن مطالبهم ما جاءت إلا بإيعازٍ من تلك الجهات، ووصف العوامي هذا الاتهام بأنه ينمُّ عن غباءٍ سياسي، إذ إن هذا الاتهام يفتح المجال أمام الجهات الخارجية للتدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد.

ورداً على هذه التهمة أكّد سماحته بأننا كطائفة شيعية نرفض تدخل أي طرفٍ قريباً كان أم بعيداً، كما نرفض كذلك تصدير مشاكل الأطراف والدول الخارجية إلينا، وهذا ما تعلم به كافة الجهات الحقوقية والدولية، وأضاف بأننا نعتزَّ بكفاءاتنا وقدراتنا ورجالاتنا التي تتحدث بلساننا، ولا نقبل وصاية من أحد.

والأمر الثالث وهو من الأخطاء الذي تتحمله الجهات الإعلامية وهو محاولة تضخيم ما يحدث في المناطق الشيعية وبشكلٍ مغلوط ثم مطالبة شخصيات المنطقة التبرؤ واستنكار هذه الأحداث بغرض الالتفاف على المطالب، والتنكر لها، وهذا ما لن يجدي نفعاً.

وشدّد على أن الحوار وإتاحة الفرصة لأهل المنطقة للمجاهرة برأيهم هما أحد الأساليب المهمة لحلحلة المشاكل.