ردا على الهويدي في: الغاوي رؤية علمية مفقودة

الكون: صدفة وضرورة


 

"كل ما هو موجود في هذا الكون هو ثمرة الصدفة والضرورة."(1) (ديموقريطوس، عالم وفيلسوف يوناني)

لا أجيد وصف السعادة التي انتابتني لحظة معرفتي نيّة الباحث محمد حسين الهويدي(2) للرد على مقالي المنشور بتاريخ 22 نوفمبر 2012 بعنوان (الخباز: رؤية فلكية مفقودة)(3). إن سياسة النقد والتنقيح تكاد تكون من أفضل إنجازات المدارس العلمية والفلسفية على مر التاريخ، فلا أحدٌ فوق النقد وليس ثمة أيّة سلطة نصيّة تقيّد العقل البشري من أن يطرح فوق طاولة التشريح أيّة فكرة أو نظرية طالما توفرت الأدوات والإمكانات.

الهويدي، رغم معرفتي القصيرة به والتي تكونت حديثا بعد كتابة مقالي الأول دلت على شخصية يسكنها الهاجس العلمي وعقلية متقدمة تخلو من الشوائب التي تؤدلج الفكرة العلمية.

المقال الذي نشره الهويدي بتاريخ (09 ديسمبر 2012) بعنوان "الغاوي: رؤية علمية مفقودة"(4) تناول عدة من المفاهيم التي استعرضتها سابقا مستشكِلا عليها جزئيتها الفلسفية وأعني بذلك الفلسفة العلمية Philosophy of Science والتي وضحتُها بشكل مفصل نسبيّا في المقال السابق ويمكن للقارئ مراجعتها في أي وقت. وأشكل الهويدي على عدة نقاط طرحتها مسبقا التي سأذكرها في المقال وأعقب عليها.

بدا للهويدي بأن موضوعي كان متشعبا بشكل مبالغ فيه نسبيا، ولربما كنت أتفق معه في كون الموضوع ذا تشعبات واسعة فتناول موضوع كالإنفجار العظيم يتطلب تقييم مفاهيم متعددة وقوانين لا حصر لها. إلا أن الهويدي استوقف ابتداءا فكرة الصفر المطروحة ضمن المقال والتي جاءتْ في أساسها ردا على ما طرحه السيد منير الخباز في محاضرته ليلة الخامس من محرم 2012(5) حين ضيّق مفهوم الصفر الفيزيائي لصفرٍ اعتباطيٍ لا غير وكان ردي لتوضيح ماهية الصفر المقصود في الميكانيكا الكميّة فحين نتحدث عن صفرٍ في حالة الصفر المطلق فإن ذلك صفرٌ مطلق. وعزى الهويدي افتراضي لنسبيّة الاطار المرجعي غير أنني حاولت الرجوع للمحاضرة ومجددا كانت فكرة الصفر الاعتباطي حاضرة بقوة وكيف أتجاوزها وما كانت لتكون ضمنها إلا لتقويض حالة الصفر المطلق من خلال منطق يخالف المنهج العلمي؟ّ!.

ويجدر بي أن أنوّه مجددا أن المدرسة العلمية لم ولن تدعي مطلقا استحواذها على الصحة المطلقة، فهي ممارسة بحث عن الحقيقة بديمومة أبدية. ولكي لا يزايد عليّ أحدٌ أكرر أن فكرة إثبات الإله أو نفيه هي خارج النطاق التي يشتغل فيه البحث العلمي فلحواجز معينة لن تستطيع المدرسة العلمية أن تتحدث استناداً لأسسها في شأن كهذا. وأما ما يكون من آراء شخصية فقد جاء تبعا لاستنتاج شخصي أو فلسفي ذاتي على أية حال وليس رأي المدرسة العلمية.
 
وحرصا على أن تكون الفكرة دائمة الحضور في هذا المقال، سأعمد لتقسيم الإشكالات التي طرحها الهويدي تحت مدرجات عريضة وثم سرد ما لديّ من تعليق وردود حولها.
فلسفة المنهج العلمي:

تناولتُ موضوع فلسفة القانون الاستنباطي  Empiricalبشكله المبسّط في المقال السابق، وقد أوردت مسبقا بأن المنهج العلمي المتعلق بالعلوم الطبيعية ما هو إلا منهج لدراسة الظواهر  Phenomenon الحسيّة الأثر، ويتسلسل عبر عدة افتراضات وحسابات وتوقعات وتجارب واختبارات لتدعيم أو رفض الفرضيّات Hypothesis والنماذج Model والنظريات Theory. والصورة التالية توضح بشكل مبسّط المخطط الانسيابي لإجراءات المنهج العلمي.

وإن التجربة لهي واحدة من أعمدة الفلسفة العلمية، والتجارب ضمن البحث العلمي ليست كلها متطابقة بل تختلف تبعا لفروع العلم الطبيعي وأبعاد النماذج ذاتها وماهيّة الفرضيّة، فمثلا دراسة أحيائية أو بيئية ما قد تكون مختلفة عن دراسة فيزيائية أو هندسية أخرى تبعا لمضمار التجربة التي تخوضه. ويمكننا تصنيف التجارب العلميّة لعدة أنواع(6):
التجربة المغلقة: Controlled experiments
التجربة الطبيعية: Natural experiments
التجربة التقريبية: Quasi-experiment
التجربة الميدانيّة: Field Experiment
وقد أشار الهويدي إلى أنّ ثمّة تناقضا لديّ حول اعتبار بعض الآثار المتتبعة في علم الفلك والفيزياء الكونيّ جزئا من الفلسفة العلمية. إن البحث العلّمي يعمل لتوظيف أكبر كم من التجارب الممكن تطبيقها لتدعيم أو رفض الفكرة، فأحيانا لا يكون ممكنا ضمن تجربة مغلقة داخل مختبر أن نجلب الثقب الأسود والقيام ببعض التجارب لفك ماهيّته. حينها يلجأ العلماء للتجربة التقريبيّة Quasi-experiment لاستحضار بعض الأدلة لتقدير الظاهرة المراد بحثها.
 
فمثلا حين يتناول العلماء فرضيّة ما مثل أن"الشمس سحب منهارة من الهيدروجين" وليس بوسعنا أن نجلب الشمس داخل المختبر أو حتى تفحصها عن قرب بدقة أكثر أو حتى أن نبدأ داخل المختبر بسحابة هيدروجينية ضخمة ونبدأ بالتجارب وننتظر مليارات السنوات لتتكون لنا شمس مخبريّة نمارس عليها التجارب العلمية.

أما حين نستند للتجربة التقريبيّة فبإمكاننا مراقبة سحبا هيدروجينية متوفرة في الفضاء وفي مراحل مختلفة من الانهيار وباعتبار الآثار المترتبة على هذا الفرض كوجود أطياف الانبعاث Spectral emission من خلال النجوم وغيرها. وبعدها يتم جمع المعطيات Data وتحليلها وتنقيتها حتى نتمكن من الخروج ببعض النتائج. والمثال على هذه الاختبارات المادية عدة، منها أن الضوء لا ينتقل بشكل فوري وإنما بسرعة يمكن قياسها.

وقد استغرقت المدرسة العلميّة سنواتٍ طويلة حتى تمت قياس سرعة الضوء مثالا، بشكل تجريبي أكثر دقة وليس بالاعتماد على التجربة التقريبية وحدها.

وهذا هو الحال مع جميع النظريات العلمية، فالنظريّة العلميّة لا تدعي الصحة المطلقة وإن كانت تعمل ضمن مدى أسسها ومجال عملها إلا أن المدرسة العلمية لا تقف ضد مراجعة النظريّات مجددا وإعادة انتاجها بشكل يحمل دقة أكثر.

وأكرر أن المدرسة العلميّة لا تدعي الصحة المطلقة ضمن نظرياتها ونماذجها وإنما تتمحور حول مراجعات دائمة متى ما توفرت أدوات وأفكار أكثر دقة لتقويم وتدعيم النظريات وإعادة تحسينها لتتجاوز أي تناقضات discrepancy وقد تقوم بإبطال نظريات سابقة أيضا. وهذا ما يهب المنهج العلمي بالمتانة، فحتى النظريات التي قد يُبطل نموذجها المنهج العلمي يوما ما، قد لا يعني بالضرورة نسف كافة المعطيات والمشاهدات والتجارب التي استند لها ذلك النموذج فإذا كانت صحيحة ومعتبرة فإن نموذجا أكثر تكاملا وصرامة قد يكون البديل.

ومثالا على نجاحات التجربة المادية التقريبية ، أتذكر القانون الفلكي الشهير لـ كيبلر Kepler الذي ينص على أنّ مربع الدور المداري Sidereal Period لأي كوكب يتناسب طرديا مع تكعيب نصف المحور الرئيسي Semimajor Axis لمداره Orbit.
 
وقد استنتج كيبلر في بداية القرن السابع عشر قانونه هذا، والمشهور عنه بقانون كيبلر الثالث. وحيث أن الأدوات كانت محدودة في تلك الحقبة من الزمن، فإن تسليط سلسلة من التجارب الصارمة لتدعيمه لم يكن متوفرا وإنما كانت التجارب بدائية مقارنةً مع ما هو متوفر في القرن الحالي. وقد أخضع العلماء في عصور لاحقة قانون كيبلر عدة مرات لمثل هذه التجارب للخروج بمجموعة المعطيات التي من خلالها يمكن لنا أ نتثبت من صحة هذا القانون في حين تطابقها، وقد تطابقت الحسابات الدقيقة بشكل منسجم مع قانون كيبلر مما أضفى مزيدا من الثقة والمصداقية لهذا القانون. وفي المصدر التالي القليل من المعطيات الناتجة لمن أراد الاستزادة (7).

والجدير بالذكر أن البحث العلمي يهدف لأن يكون تسلسله واستنتاجه موضوعيا قدر الإمكان من أجل الحد من الافتراضات المنحازة للنتائج (8). لذلك تتطلب عمليّة البحث العلمي نوعا من الأرشفة والتوثيق وعرض كافة البيانات المنهجية التي توصل لها الباحث لتكون متاحة للفحص الدقيق من قبل علماء آخرين، وإعطاء الفرصة للتحقق من النتائج لإتاحة المجال لمحاولة إعادة إنتاجها لاحقا. وتُعرف هذه العملية الكشف الكامل Full disclosure  ولكي تتيح المساحة أيضا لإخضاع المعطيات لمقاييس الإحصاء لتفحص مدى موثوقيتها (9).

وإني لأستغرب أن يعتقد الهويدي أنني أشرت بشكل أو آخر لأن مثل هذه التجارب والنظريات هي مواد يقينية ولا تحتمل الخطأ، بل على العكس تماما وكما أوردت في مقالي السابق بأن النظريات والقوانين كلها تخضع لتجارب متقدمة وسلسلة من الاختبارات لقياس دقة برهانها ومعطياتها. إضافة لهذا كله قد تعتمد بعض النظريات أو القوانين على مجموعة من الحالات الخاصة من مدى ومجال ونطاق معين تعمل بداخله، وقد تتجاهل ظواهر وتُركّز على أخرى كما يتجاهل "السقوط الحر" عند نيوتن الاحتكاك ضمن ارتفاع معين من سطح البحر. ولهذا كانت أرشفة المعطيات والمنهجية التي يتبعها الباحث جزءا مهما.

ويشمل هذا الرأي الثقب الأسود Black hole والمادة السوداء Dark Matter فرغم أن لدينا الكثير من الدلائل التي تشير لهذه المادة السوداء، لكنّ ذلك لا يكفي لأن ننسب هذه الدلائل لها بتسلسل برهاني ضمن قوانين المنهجية العلمية. لذلك لا تزال هذه المادة محل جدل واسع رغم أن ثمة شيء يتحكم في المتبقي في كتلة الكون، ولكن التجربة العلمية لم تثبت أن هذه المادة السوداء هي المسوؤلة عن ذلك.

وبالرجوع للمحاولات في تفسير ماهيّة هذه المادة فإن التفسير الأكثر قبولا لهذه الظاهرة أن هذه المادة تتكون من جسيمات ما دون ذرية تتفاعل من خلال الجاذبية وربما القوة الضعيفة Weak Force  وهناك الكثير من التفسيرات الأخرى لماهيتها على أيّة حال ولا نستطيع أن نثبت في هذه الساعة أيّ من أولئك الصحيح. 
وأما اعتبار الانفجار العظيم نظريةً أو فرضيّة فإن المدرسة العلميّة بشكل عام تميل لتصوريها على أنها نظرية(10).

ولكي لا يستشكل القارئ فإن الانفجار العظيم ما هو نموذج يهدف لربط التصورات الرياضية المستخلصة من البراهين والمعطيات ضمن إطار متكامل لعرضها ضمن فكرة واحدة. قد لا تكون نظريّة الانفجار العظيم النموذج الوحيد، ولربما ثمة بعض الجزئيات التي تتطلب مزيدا من البحث والتجربة إلا أن تجريدها من مصطلح النظريّة واعتمادها كفرضيّة ما هو إلا نسف للمشاهدات المادية بشكل لا يخلو من الهجومية الذاتية لا الموضوعية.

الفرق شاسع بين الفرضيّة والنظريّة فإنني لو افترضت أن هنالك كوكبا يدور في مسار موازٍ لنا لكن في مجرة أخرى، وبدون مشاهدات ودلائل فإن ذلك يضعه في خانة الفرضيّة.

أما أن تتوفر لديك دلائل وحسابات قابلة للتجربة وإن كانت تقريبيّة، فإن ذلك يضعها ضمن مجال النظريّة لا الفرضيّة. والمصدر الذي أشار له الهويدي والذي احتوى على ثلاثين استشكالا حول الانفجار العظيم اعتبرها نظريّة أيضا! (11).
هذا النموذج كما ذكرت لا يوفر لنا صورة متكاملة حتى يومنا هذا، وهذا لا يعني صحته المطلقة أبدا، فمهمة العلماء في فحص مثل هذا التنظير تكمن في المزيد من الاختبارات لتدعيم الفرضيات التي احتوتها النظرية أو تقويضها. ولربما تُوفّر نماذج أخرى تقليصا لهذا التباين بين مشاهدات الانفجار العظيم وبعض الاستشكالات (النظرية الموحدة) على سبيل المثال.

وأرفق الهويدي ضمن مقاله لقطة لصفحة جوجل ليصل بها إلى أن ما يقارب ستين مليون رابط يتناول موضوع رفض النظريّة، وإني أخمّن أن الهويدي قصد بذلك أن النظرية محل نقاش وجدل وليس ليهدف على تفنيدها من خلال الكمّ الذي يحصده جوجل.

قانون الاحتمال الرياضي مجددا:

وقبل الشروع في الرد حول الإشكال في قانون الاحتمال الرياضي الذي طرحه الهويدي، أود أن أوضح أمرا ربما قد بدا للقراء وللهويدي أيضا أنني انتقدت استخدام الخباز لقانون الاحتمال الرياضي لكونه إحدى منجزات المدرسة العلمية.

إن نقدي للقانون من زاوية علميّة وليس لأن شخصا ما يحتكره لنفسه.

ما أردت إيصاله في تلك الفكرة، أن الخباز اتجه للفلسفة في محاولة لتقويض النهج المتبع في نظرية الانفجار العظيم بشكل دقيق والمنهج العلمي بشكل عمومي.

وقد ذكرت في مواضع عدة أن أسلوب التعاطي مع المنهج العلمي يستوجب استيعاب الأسس القائم عليها البحث ذاته، وتقويض منهجيته العلميّة ضمن إطار علمي وليس بالاستعانة بالفلسفة. أما القانون الرياضي فهو الأداة الوحيدة التي استعان بها الخباز للرد على النهج العلمي وكنت أعمد للانصاف بدلا من أن أدعي أن الخباز استعان بالفلسفة فقط بل إنه استخدم قانونا رياضيا هو في ذاته أسلوب صحيح للتعامل مع النظرية العلمية رغم أنني أنتقد أسلوب عرض هذا القانون والاستنتاجات التي توصل لها.

واعتقد الهويدي أنني كنت مهتما بنقد المصطلحات التقنية التي استخدمها الخباز، وإنما على العكس تماما، فإن مثل هذا النقد ليس مهما فتلك التضاربات بين المصطلحات لم تكن لتكون إلا تصيّدا شخصيا وما كنت لأجر نفسي لذاك المستنقع.

إنما ذكرت مثالا أو اثنين لكي لا يدّعي أحدهم أنني عمدتُ لاتهام يخلو من الصحة.

 "سأحاول أن لا ألجأ قدر الإمكان لتصحيح الأخطاء العلمية التي وقع فيها الخباز في وصف النظرية وكذلك الأمثلة التي استخدمها لتبسيط فكرة النظرية وكما ذكرت مسبقا أن الكثير من هذه المعلومات متوفرة للجميع ممن لديه الرغبة بالإطلاع". (3)

وبالفعل كنت ارتكبت خطأً لغويّا وأشكر الهويدي لالتفاته له، فإن من الفداحة أن أستبدل مصطلح الوزن عوضا عن الكتلة. رغم أنني عمدت لنشر تصحيح لتلك الجملة في مقال لاحق نشرته في 1 ديسمبر 2012 (12) والذي يبدو لي أنه لم يصل للهويدي أثناء كتابته لمقاله.

وقد شدني في مقال الهويدي جملته "فإما أن نؤمن بالرياضيات مطلقا أو أن لا نؤمن بها إطلاقا" رغم احترامي الهائل للرياضيات إلا أن جملة كهذه ما هي إلا تحويل الرياضيات لسلطة دوغمائية، ولكي لا يأخذني مثل هذا المدخل لمجال قد لا يكون بتلك الأهمية لموضوعنا أشير لمقال الفيزيائي الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء ويجين ويغنز (25).

ولا زال الاشكال المطروح في قانون الاحتمال الرياضي يكمن في رفض القيم الصغيرة في الاحتمال.وكما ذكرت مسبقا في مقالي حتى وإن كانت الاحتمالية ضئيلة إلا أن السحبات المتتالية ستتيح لها الفرصة. علل الهويدي عدمية الاحتمالية لكونها صفرا تبعا للنهايات الرياضية وهي وببساطة القيمة التي تقترب منها قيمة دالة ما لدى اقتراب المتغير السيني من قيمة معينة. وأنا لا أشكك في كونها قريبة من الصفر أو ضئيلة لحجم ساحق إلا ذلك لا يجعلها صفرا. وأما ما جاء في محاكاة الهويدي الكمبيوترية فمن الطبيعي أن تختفي القيمة الصغيرة جدا في حين أن عدد Significant figures التي اعتبرها الهويدي لا يتجاوز التسعة. ولو إنه اعتبرها اثنين لانتهى به أو يلغي عددا أكبر من الاحتمالات قبل أن يصل للأسطر الثلاثة الأخيرة. وحتّى وإن كان الاحتمال صفرا فهل تجيز لنا الرياضيات أن ننفي احتمالية حدوث هذا الحدث؟!

ولتوضيح هذا الاحتمال بشكل آخر، دعونا نفترض سيناريو معين. ولنعتبر أن شخصا ما يقف عند محطة بيكاديلي سيركس ستيشن في لندن. ولنفترض القطار الأسّي Exponential لا يأتي قبل موعده مطلقا وإنما يصل خلال دقائق من وقت جدوله لنقل خلال عشر دقائق. وإنه لمن النادر أن يتأخر هذا القطار لمدة تتجاوز العشر دقائق.

لنحاول الآن تصوير هذا القطار اللندني بشكل رياضي لنطبق عليه قانون الاحتمال الرياضي. ولنبدأ بتعريف الدوال أولا لهذا النوع من الاحتمال المعروف بالتوزيع الأسّي exponential probability distribution (13).

وقانون التوزيع الأسّي من أحد أشهر قوانين الاحتمالات الرياضية ويستخدم في تطبيقات متعددة كحسابات الاعتمادية الهندسية والنمو والتبدد و الالكترونات ونظرية الطابور وغيرها الكثير من التطبيقات التي تتجاوز الهندسة للعلوم الطبيعية وكذلك الدراسات الاجتماعية كالاقتصاد مثالا.
 
حيث أن t هي الزمن بالدقائق وهي متغير مستمر. وسأقوم باستخدام برنامج المات لاب Matlab لحساب جميع النتائج.
بإمكاننا أن نشرع الآن في حساب الاحتمالات لدينا، ونحسب الوقت المتوقع لانتظار القطار وهو:
 
وباعتبار فرضنا بأن القطار لا يمكن أن يأتي مبكرا قبل موعده:
 
فيكون متوسط انتظارنا للقطار هو خمس دقائق.
 
أما احتمالية أن ينتظر هذا الشخص أكثر من عشر دقائق:
 
نستطيع القول إذن أنه تقريبا في 87% من الأوقات التي ننتظر فيها القطار سيأتي فيها قبل العشر الدقائق، ولن نكون متفاجئين إذا توقعنا أن نصف أوقات انتظارتنا ستنتهي بخمس دقائق كحد أقصى (0,5) (حيث أنها المتوسط). وتبدو جميع الحسابات سليمة ومتلازمة مع توقعاتنا حتى الآن، ولكن لنقم الآن بتجربة مختلفة نوعا ما.

وفي التجربة التالية نقوم بحساب نسبة احتمال أن يكون وقت الانتظار سيكون خمس دقائق بالضبط لا يزيد عنها ولا ينقص:
 
سيكون الجواب صفرا عبر قانون رياضي لحساب الاحتمالات وهذا الجواب غير منطقي أبدا، فنحن متأكدين أن احتمال أن يصل القطار في خمس دقائق لهو احتمال وارد لا جدال فيه عوضا عن أن هذه الخمس دقائق تمثل المتوسط mean . ورياضيا معروف أن في أي دالة متصلة لن تكون هنالك أية احتمالية غير الصفر لأي نقطة منفردة Single Point كما لاحظنا حين حاولنا حساب احتمالية انتظار خمس دقائق فقط. أما لحساب مثل هذا الاحتمال فإن ذلك سيلزمنا تعريف مجموعة فرعية على أقل تقدير.
المراد توضيحه من هذه الفكرة  أن القطار يصل في خمس دقائق فعلا فتجاربنا تثبت عكس ناتج الاحتمال الرياضي، فالاحتمال الرياضي كان صفرا لتلك النقطة وبغض النظر عن ذلك فإن وصول القطار في خمس دقائق أمر ممكن الحصول.

إن من الصعوبة بمكان أن نحاول محاكمة ظرفٍ نجهله عبر قانون الاحتمال الرياضي بشكل يخلو من اعتبار الظواهر المحيطة والتجربة الملازمة. فقد رفضنا الاحتمال الذي ينص أن قطارنا لن يصل في خمس دقائق لكون الاحتمال صفرا، وكان رفضنا تبعا لتجاربنا ومعرفتنا بالظروف المحيطة فتمنكنا بعدها من معالجة هذا الفرض منطقيا وكذلك في كيفية التعامل معه رياضيا عبر مجموعة مستمرة عوضا عن نقط منفردة.

وإنّ نقطة التفرد Singularity المشار لها كالحالة السائدة في بدء نشأة الكون وراهن العلماء على بعض الخواص التي تحتويها كالكثافة والحرارة العاليتين وكذلك الجاذبية لا زالت تخفي في طياتها غموضا لم يتمكن العلماء من فهم كنهه حتى الآن لا بالقوانين الكلاسيكية أو النسبية ولا حتى الكميّة.
 
إن في ظروفٍ كلاسيكية كالتي تحيط بنا وتتكرر بشكل متلازم في حياتنا اليومية في الأرض، نتمكن من الاستعانة بقانون أوم Ohm Law لحساب بعض خواص الكهرباء من تيار وضغط ومقاومة. وعندما ننتقل من هذا العالم الكلاسيكي لعالمٍ للصدفة والفوضى فيه اعتبار كالمستوى التحت ذريّ Subatomic Level فإنّ قانون أوم سيتناقض ويتهاوى وسنكون بحاجة لجملة من القوانين الأخرى التي تجيّد تصّورها الفيزياء الكميّة Quantum Field فالقوانين عبارة عن تصوّرات ضمن ظروف معينة إذا تغيرت فإن نتائجنا ستتغير.

فإذا كان قانون أوم يتهاوى في مستوى تحت ذريّ، فكيف لنا أن نحاكم نقطة التفرد جزافا بقانون الاحتمال الرياضي ضمن ماهيّة غير معروفة كنقطة التفرّد والتي لا تصمد فيها لا قوانين الكلاسيكية ولا النسبية ولا الكميّة في حين أن قانون الرياضي نفسه قد نرفضه ضمن حياتنا الكلاسيكية حينما تثبت التجربة عكس ذلك كما في مثال القطار.

وبالنسبة لليانصيب الذي طرحه الهويدي، سأقوم بطرح الاشكال على الهويدي بشكل مختلف. لنفرض أن عدد سكان الكرة الأرضية 10 مرفوعة لأس 500 (10500) وكل شخص من هؤلاء سيشارك لعبة اليانصيب. وسنفرض أن جميع سكان الكرة الأرضي سيشارك في هذا اليانصيب.

ولحساب احتمال أن يفوز واحد من هؤلاء سيكون  (واحد مقسومة على 10 مرفوعة لأس 500). وتبعا للمنطق الذي أدرجه الهويدي وقبله الخباز فإن لا أحدا من هؤلاء سيفوز مطلقا. فالاحتمال ضعيف جدا، وأن يفوز شخص واحد لهو من المستحيلات. لكن التجربة ستثبت عكس ذلك فلا بدّ أن يكون هنالك فائز واحد رغم صفر النسبة.

وتعقيبا على قانون الاحتمال الرياضي وجه الهويدي بعض الزحافات التي لا أجدها في محلها.  حين قال ادعى أنني قلت أن النظرية قد تدعم عدم وجود خالق.

" أن باب عدم الحاجة للخالق ليس نتاجا علميّا على أية حال وإنما فكرة فلسفية أيضا تبناها ستيفن هوكينج، إذ وضّح في أكثر من مؤتمر أن استنتاجه مستخلص من منحى فلسفي فالمنهجية العلميّة ليس من شأنها أن تنفي أو تثبت فكرة الإله لعدة حواجز علميّة وليست فلسفية أو دينية رغم أن الاعتقاد بالنظريّة قد يدعّم تلك الفكرة الفلسفية" (3)

وليفرق القارئ بين أمرين هنا، ما ذكرته أن المنهجية العلمية لا تتدخل في شأن كشأن إثبات أو نفي وجود إله، وبين أن يكون المعتقد بفلسفة الوجود أو عدمه نابعة من اعتقاده أو رفضه للنظرية. الثانية ليست جملة تقريرية، فأنا كنت أعمد لتوضيح أن ستيفن هوكينج استخدم نتاج المدرسة العلمية ليصل لفلسفته الذاتيه عبر اعتقاده بالنظرية. حيث أن هذا الاستنتاج الفلسفي ما هو إلا رأي شخصي وليس للمدرسة العلميّة أيّ تعقيبات حول فكرة الإله مطلقا.

أما تحفظاتي بشأن الإسقاط الفلسفي الذي مارسه الخباز على العلم حيث ذكر الهويدي أن الربط الفلسفي الذي جاء به الخباز لهو يصب في مضمار الاستنتاج الفلسفي وعليه يكون ذلك مقبولا غير أن بحث الخباز لم يكن ليختص بالانفجار العظيم وحسب، بل كان اسقاطا شموليا على المدرسة العلمية كاملة فحين ينسف الصفر، والفلسفة العلمية التجريبية، والفيزياء الكمومية بحجة عدم حاجتها للعلية أو الحتمية بمنظور فلسفي بحت خالٍ من البحث العلمي أو حتى الإلمام بالأدوات والأسس العلمية.

ليس لأن نقد المدرسة العلمية أمر محرم، فلا قدسيّة للعلم، وإنما تجب مراعاة الضوابط العلمية والتفريق جيدا بين ما تتقاطع معه فلسفة ما مع العلم فيمكن استجواب كلا المدرستين حينها أو ما لا يقترن بالمدرسة العلمية فلا يجوز فيها الاسقاط الفلسفي.

وذكر الهويدي في نصّه اقتباسا لوداد الحاج حسن، "أنه لا يمكن إثبات أو نفي النظرية الميتافيزيائية رجوعا للفهم العلمي للمدرسة الوضعية" وثم عقب الهويدي على هذا قائلا بأن هذا الكلام ملازم للخباز ومنافٍ للغاوي.

وإن قمة الاحباط أن أُدان بهذا، ففكرة مقالي الأساسية كانت لتنص أن الميتافيزياء خارج نطاق البحث العلمي، وكررتها مرارا وتكرارا ضمن مقالي وإني لأستغرب أن لا يتستخلص أيّ قارئ هذه الفكرة ضمن مقالي، فبها افتتحتُ المقال، وكررتها وبها أيضا ختمت!

وبالفعل فإن الخباز لم يقل بمعارضة الفلسفة للعلم وإنما اتهم المدرسة العلمية بمعارضتها، ووضحها من خلال جملته حول اجتماع فيينا الذي دعى لفهم العالم من مفهومه العلمي رافضا الفلسفة وقد عقّب الخباز حول ذلك بقوله "مالك كار عن الفلسفة"!. وكان توضيحي تعقيبا على ذلك، فالمدرسة العلمية تهدف لتقنين الأخطاء قدر الإمكان فيجبرها ذلك على أن تتجنب التسلسل الفلسفي ضمن أسسها.

الحتميّة والعليّة أم الصدفة والضرورة:

اعتقد الهويدي أن مقصدي بأن توزيع الاكسجين على الأرض غير متساوٍ وأنّ لا علاقة لذلك بموضوع القانون الذكي، حيث بينتُ ذلك كمثال عكسي لما كان يدعيه الخباز بالذكاء الكوني والدقة الثابتة. فالاكسجين ليس متساوٍ والصورة التالية توضح توزيع الاكسجين في الكرة الأرضية: (14)
 
ولم تكن في موضوعي إشارة إلى من يتكفل بتوليد الأكسجين كما ظنّ الهويدي، وجلّ الكلام يختص بكون الأكسجين ذا توزيع متباين وليس يتعلق بمن ينتجه، فرغم أن النباتات تنتج أكسجينا ولكن نباتات أخرى تموت فيحدث نوعا من الاستهلاك المعاكس لذلك الاكسجين. وبالنسبة Phytoplankton الذي ذكره الهويدي هو نبات أيضا. ولست هنا أزعم لتوضيح من يتحمل ماذا، الفكرة كانت تكمن في اختلاف توزيع الاكسجين فالغابات مثالا خالية من الأدخنة والازدحام البشري والصناعة وغيرها الكثير مما يتواجد في المدينة مقارنة بالغابة وليس لأنها المسؤول الأساسي عن إنتاج الأكسجين.

واستعرض الهويدي الحتمية والحالة الذاتية مجددا في مفهمومها المتعلق بدرجة الغليان، وأوردَ في نقطتين إحداهما تتعلق بالسببية والثانية بالحتمية. وبما أنني استعرضت درجة الغليان للتشكيك في الحتمية والحالة الذاتية الخاصة بها، ولذلك سأتناول النقطة الثانية لما أورده الهويدي ابتداءا.

من الواضح أن التباين الذي يحصل في ثبات القانون كان قد نسبه الهويدي لتغير الظروف ولا بأس أن نمرر هذا الشيء رغم تحفظي على أن ذلك يبرهن على ركاكة الحتمية، ولكن سأحاول الاقتصار على الحتمية ضمن ظروف ثابتة لا تتغير، وقد فرض الهويدي التلازم بين درجة المئة والغليان.

ودرجة الحرارة هي متوسط حسابي Average لسرعة حركة الجزئيات Kinetic Energy، وبما أننا نعرف أنها مجرد متوسط حسابي فالنتيجة لا تكون حتمية Deterministic وإنما احصائية Statistical. والصورة الموضحة أدناه ما هي إلا توزيع ماكسويل للسرعة الجزئية Maxwell Speed Distribution. ونلاحظ أن الاحتمالية واضحة في القوانين الرياضية المستخدمة وكذلك الرسم البياني. وهذا يتنافى مع القول أن درجة الحرارة حتمية في حين أنها متوسط حسابي. 
 
ذكر الهويدي أن الحرارة هي المسبب لدرجة الغليان ولا بأس حتى الآن فالتلازم منطقي حتى الآن. ولتصوير المنطق بشكل أدق سنتعامل معه بشكل مبسط أكثر. وسنعتمد حرارة الفرن هي العلة.
 
أما في حالة المكريوف فإن الناتج:
 
قد يقول البعض أن المكرويف سيحرك الجزئيات وأن الجزيئات ستصدر منها الحرارة فبالتالي الحرارة هي المحرك، ولكن الخطأ المنطقي هنا أن الحرارة ما هي إلا ناتج عن الحركة ولتوضيح ذلك سنعدل قوانيننا السابقة:
 
فما هو المسبب الآن؟ نار الفرن؟ أو الموجات المايكرويفية؟ المسبب الأول في مثل هذه الحالة سواء كان المايكرويف أو النار هو متغير ولا نستطيع أن نجزم أن أحدهما مسببا أوليّا. فالمؤثرات (ليست مؤثرا وحيدا!) وإنما متعددة. ولربما اعتقد احدهم أن حركة الجزيئات هي المؤثر فلا أعلم كي يأتي المسبب بشكل لاحق وليس ابتدائي.

هذا التلازم المراد به في العليّة قد لا يكون أكثر من تعاقب للأحداث، وكما أشرت قبل قليل أن المتلازمات متغيرة أيضا. هذا لا يعني أننا لا نهتم في المؤثرات وتأثيرها، فعلى العكس نستفيد منها كثيرا وخصوصا في مستوى حياتنا البشرية سواء كانت فيزيائية أو غيرها ولكن في مستوى كوني شمولي فإنها تتقلص وخصوصا في ما يتعلق بفيزياء الكم مثالا وتصبح العلية عائقا ليس أكثر. فالكون هو ثمرة الصدفة والضرورة، فنيوتن استعان بالضرورات وأنتج قوانينه،وكما أن هابل استعان بالمؤثر وربط التلازم فيه مع توسع الكون  والفيزياء الكمومية استعانت بالاحصاء لتسيطر رياضيّا على الفوضى بشكل أكثر دقة. ولمن يود الاستزادة في هذا مجال الصدفة والضرورة يمكنه مراجعة هذا المصدر (15). وفي المصادر التالية مجموعة من الكتب القيمة في دراسة الصدفة والضرورة في الكون من ناحية فيزيائية. (17) (18) (19) (20) (21) (22) (23) (24).

وفي الرياضيات أيضا، نجد المعادلات التفاضلية Differential Equation ذات ضرورة حتمية وأما التصادفية Stochastic فهي تحتمل العشوائية في الكثير من أمثلتها.
 
وكما أنني لم أذكر أن مصطلح التصميم الذكي Intelligent Design هو من ابتكار الخباز، وإنما عوضت به لتوضيح ما يقصد به الخباز بالقانون الذكي. فالخباز كان يحاول الوصول لهذه الفكرة وعوضا عن استخدام مصطلح القانون الذكي فضّلت استخدام مصطلح متفق عليه كالتصميم الذكي.

وكما بينت سابقا أنني أتبنى التشريع الغير متداخل Non-overlapping magisterial  فالدين والعلم سلطتان تتمتع كل واحدة بشرعيتها ومداها التشريعي والسلطوي الخاص وأعتقد أن هذين المجالين يجب أن لا يتقاطعان أو يتداخلان. الإيمان محله القلب والعلم يعمل لذاته العلمية وليس لهدف إثبات الخالق أو نفيه.

حيث أن إثبات العلية أو نفيها علميّا أو الحتمية لا يتعلق بقريب ولا ببعيد بما يؤمن به الفرد. الإيمان أو الاعتقاد حالة سيكولوجية يمكن للفرد فيها اعتماد الافتراض أو البيان صحيحا بشكل مطلق (16) وأما المدرسة العلمية تتعلق فقط بالظواهر وتحليلها ضمن منهجها الخاص ولا تتدخل في أيّة نطاقات تعجز المدرسة عن التكهن بها والإلمام بمكنوناتها.

وختاما، أشكر الهويدي على سعة صدره وأخذه على عاتقه الرد عليّ مؤسسا بذلك ثقافة تتبنى الشكوكية لتنقح وتمحص الإشكالات المطروحة.



المصادر
(1) Wainhouse, A. (1971) Chance and Necessity, NY.
(2) آل هويدي، محمد. الرد على السيد منير الخباز، جهينة الاخبارية: 27 نوفمبر 2012. https://www.juhaina.net/?act=artc&id=5538
(3) الغاوي، علي. الخباز: رؤية فلكية مفقودة. مدونة ابن الوراق: 22 نوفمبر 2012.
http://alghawia.blogspot.com/2012/11/blog-post_22.html
(4) آل هويدي، محمد. الغاوي: رؤية علمية مفقودة. جهينة الاخبارية: 9 ديسمبر 2012.
https://www.juhaina.net/?act=artc&id=5725
(5) الخباز، منير. مبدأ الكون ونظرية الانفجار العظيم. 19 نوفمبر 2012.
http://www.almoneer.org/news.php?newsid=7919&action=voice
(6) University of California, Types of Experiments, retrieved 13 December, 2012. http://psychology.ucdavis.edu/SommerB/sommerdemo/experiment/types.htm
(7) Data from Halliday, Resnick, Walker, Fundamentals of Physics 4th Ed Extended. Table 15-3
(8) Newton, Isaac (1687, 1713, 1726), Philosophiae Naturalis Principia.
(9) Brody, Thomas A. (1993), The Philosophy Behind Physics, Springer Verlag, ISBN 0-387-55914-0
(10) Wright, E. Frequently Asked Questions about Cosmology. Retrieved 13 December, 2012
http://www.astro.ucla.edu/~wright/cosmology_faq.html#bestfit
(11) Meta Research. The Top 30 Problems with the Big Bang. http://www.metaresearch.org/cosmology/bb-top-30.asp.
(12) الغاوي، علي. مراجعة (الخباز: رؤية علمية مفقودة). 01 ديسمبر 2012. مدونة ابن الوراق:
http://alghawia.blogspot.com/2012/12/blog-post.html
(13) Wikipedia, Exponential Distribution, Retrieved on 13 December 2012: http://en.wikipedia.org/wiki/Exponential_distribution
(14) Keeling et al.(2010) Annual Review of Earth and Planetary Sciences, 199
(15) Bohm, David. (2005). Causality and Chance in Modern Physics. London: Taylor and Francis.
(16) Schwitzgebel, Eric (2006), "Belief", in Zalta, Edward, The Stanford Encyclopedia of Philosophy, Stanford, CA: The Metaphysics Research Lab, retrieved 2008.
(18) J. Bricmont), D. Dürr, M.C. Galavotti, G. Ghirardi, F. Petruccione , Nino Zanghi (2010). Chance in Physics: Foundations and Perspectives (Lecture Notes in Physics).
(19) Lawrence Sklar: Physics and Chance, Philosophycal Issues in the Foundations of Statistical Mechanics (Cambridge University Press, 1993).
(20) Jos Uffink: 'Compendium of the Foundations of Classical Statistical Physics,' in: Jeremy Butterfield and John Earman (eds.): Philosophy of Physics (Elsevier, 2007).
(21) Jos Uffink: 'Bluff your way with the Second Law of Thermodynamics,' Studies in the History and Philosophy of Modern Physics.
(22) Jeremy Butterfield: Philosophy of Thermal Physics.
(23) Roman Frigg: A Field Guide to Recent Work on the Foundations of Statistical Mechanics.
(24) David Albert: Time and Chance (Harvard University Press, 2000)
(25) Eugene, W. The Unreasonable Effectiveness of Mathematics in the Natural Sciences (1960)