تحديات المثقف المؤمن



تشجيع الناس على الإطلاع والقراءة ونشر الثقافة فيما بينهم أمر محبب وجميل ولكن الأهم هو وضع الأطر لما يجب عليه القارىء المثقف أن يلتزم به ليقوم برسالته وهي نشر الوعي بين الناس ، وكذلك يجب عدم إغفال عدة جوانب مهمه وركائز يجب على المثقف أن يرتكز عليها لكي ينطلق من منطلقات قويمه تحدد سلوكه وتضبط منهجه .

فكثير من " أدعياء " الثقافة وممن يطلعون على كثيراً من الكتب ويفتخرون بكونهم أصحاب مكتبات، ولكنهم يخلطون في ما يقرأونه الغث والسمين ، فالإنسان غير المحصن وغير المتخصص مهما وصل من سعة إطلاع، فإنه إذا خلط في مفهوم الثقافة وقرأ من كل البحار وإدعى إنه سيغوص فيها ليستخرج أجمل مافيها فربما إنه سيغرق في إحداها.

فالمثقف غير المحصن ربما يشطح بعيداً عن البحر والمنهج الذي أُمرنا أن نغوص فيه وهو بحر ونهج محمد وال محمد عليهم السلام , فعندما يقرأ من الجهات الغير نظيفة والتي تثير الشبهة فإن كتاباته وثقافته ستتأثر حتماً بذلك وكذلك سيتأثر من يتابع هذا الكاتب .

فيقول سماحة المرجع آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي - دام ظله - في هذا الصدد في كلمته التوجيهية بتاريخ ٢٣ شعبان ١٤٣٤ هـ بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك " حذارى من الابتعاد عن خطى أهل البيت صلوات الله عليهم، لأن الطريق المستقيم والصحيح هو قول أهل البيت وفعلهم صلوات الله عليهم. فتأمّلوا وابحثوا في أحاديث أهل البيت صلوات الله عليهم, وانظروا بماذا أوصوا شيعتهم من وصايا ثمينة، بالنسبة إلى نيل الكمال. فكل وصية من وصاياهم هي مفتاح لحلّ مشاكل العباد جميعاً " .
وأردف سماحته: " إن الشرط في أن يصبح الإنسان انموذجاً وكاملاً هو أن يمتثل لتعاليم أهل البيت صلوات الله عليهم، وليس في اتّباع سلوكيات غيرهم, الفاقدة للأسس النبوية والعلوية " .
من جانب آخر ، حتى إدعاء الخوض في منهج أهل البيت عليهم السلام إذا كان من غير منبعه ومعينه الصافي فإنه سيكون وبالاً وخسراناً ، فهذا النهج يوجد كثير ممن يحاولون إدخال الأفكار الغريبة عليه بغية تمرير الأفكار التي تساعد بعض هؤلاء الدخلاء في تمرير مناهجهم وأفكارهم المنحرفة الخطرة في المجتمع.

وفي هذا شدّد سماحة المرجع مخاطباً المؤمنين جميعاً, بالخصوص الشباب المثقف , حين قال " اعرفوا أمثال هذا الأمور وهذه القضايا من العلماء الصالحين فقط, وخذوها من عندهم, لا من غيرهم "
ولذلك وضع الله سبحانه وتعالى لهذا العلم القيم الثمين العلماء الأعلام ، فالعلماء هم ورثة الأنبياء ، فيجب على المثقف وخصوصاً ممن يريد ويسعى لأن يكون في سلامة في دينه ودنياه أن يلتف حولهم ويطلب النصح منهم والمشورة دائماً .

من جانب أخر يجب على المثقف المؤمن المتمسك بمنهج أهل البيت عليهم السلام من خلال تحصنه وأخذه المشورة من المراجع والعلماء الأعلام أن لايلتفت للقيل والقال من هنا وهناك من أصحاب الشبه الذين يريدون إسقاط هذا الإلتفاف من جانب الشباب المؤمن المثقف حول علمائه ومرجعياته ليستطيعوا من خلال ذلك الانقضاض على المجتمع وتمرير مشاريعهم وأفكارهم الهدامة !

وكذلك يجب على هذا المثقف أن لا يلتفت لمن يدعي التدين ولكنه يُحبّط من ينبري للدفاع عن الدين والعقيدة ويتهمه بالـ "فتنوي" تارة و طالب الشهرة والوجاهة تارة أخرى ، فأمثال هؤلاء يعيشون حالة من الإنعزالية التي قوقعتهم وحبستهم في جوتقتهم ، فهم ساكنين في قصرهم العاجي ، ويرون ان إسلوبهم في الإنكفاء والصمت هو الأجدر في تحصين الأمة ! والعجيب أنهم لا ينتقدون من أشكل وحاول تشويه الدين بل ينتقدون ويعاتبون من إنبرى للدفاع عن الدين ! ، إما جهلاً أو حسداً .

نسأل الله التوفيق في هذا الشهر الفضيل لنيل التوفيق للسعي للتغير من أنفسنا نحو الأفضل ولخدمة هذا المذهب الذي قدم علمائنا الماضيين كل مايملكون للحفاظ عليه ، تقبل الله أعمالكم