الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، الإمام الثائر

 
تمر علينا في هذه الليالي المباركة الذكرى العطرة لمولد إمامنا الثاني السبط الأكبر الإمام الحسن المجتبى صلوات الله وسلامه عليه، وفيها نبارك لإمامنا صاحب العصر والزمان ومراجعنا العظام هذه المناسبة التي يجب أن نتعلم منها ونستلهم الدورس من النهضة الحسنية المباركة .

 

فالنهضة الحسنية المباركة بكل ما تحتويه من عطاء زاخر والتي أنارت ومهدت الدروب للنهضة الحسينية التي تجلت فصولها في ملحمة عاشوراء الإمام الحسين الشهيد صلوات الله وسلامه عليه .

 

فكلا الإمامين الحسن والحسين صلوات الله وسلامه عليهم قاما لأجل رسالة واحدة وهدف واحد وإن تعددت الأدوار بإختلاف الزمن والظرف، فالإمام الحسن عليه السلام قام بالإعداد الكامل وتهيئة الأرضية اللازمة للنهضة الحسينية، وقام بالنصف الأخر سيد الشهداء عليه السلام في ملحمة كربلاء الدامية.

 

وكما أجمع كثيراً من العلماء والمؤرخين بأن مسؤولية الإمام الحسن عليه السلام كانت صعبة جداً وربما أصعب من مسؤولية الإمام الحسين عليه السلام، وذلك لأن مسؤولية الإعداد أصعب من تفجير النهضة والقيام، لأن الشخص الذي يريد بناء وتربية جيل على المفاهيم الصحيحة فمن دون شك لابد من أن يلاقي صعوبات عديدة، كما أنه يحتاج إلى أرضية تكشف المجتمع وتوقف على حقيقة الأتباع والمؤيدين وتكشف المندسين ، فالتمهيد الحسني لهذه النهضة ثبت وكشف العناصر الصالحة وكذلك كشف معايب العدو ومدى قوته وقدرته كما يلزم فضحه.

 

وهذا ما حمله الإمام الحسن صلوات الله عليه على عاتقه وخصوصاً بعد مهادنته لمعاوية وما ناله من كلمات جارحة من أقرب المقربين .

 

وهنا يقول سماحة الإمام الشهيد محمد الحسيني الشيرازي رضوان الله تعالى عليه في كتابه " ثورة الإمام الحسن ع ": أن الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام يسعيان لهدف واحد ولكن أحدهم قام بتهيئة الأرضية والثاني قام بالثورة و إن الإمام الحسن - عليه السلام -  قام بإعداد الكوادر الصالحة لفضح معاوية والظلم.

 

ويرد سماحته أيضاً على الإشكال الذي يطرحه البعض وهو لماذا لم يقم الإمام الحسن عليه السلام بالثورة على معاوية ولجأ للصلح بـ " لقد كان بالإمكان أن يقاتل الإمام ويستشهد ولكن ذلك سيؤول إلى فناء الإسلام لأن عهد معاوية يختلف تماماً عن عهد يزيد فهو يمتلك فريقاً كبيراً مستعداً لاختلاق الأحاديث ونسبتها إلى رسول الله وتشويه الصورة لأعدائه ولذلك نرى أن الإمام الحسين - عليه السلام -  لم يقم بالثورة على معاوية رغم بقائه بعد وفاة أخيه عشر سنوات تقريباً في حكومة معاوية، وفي المقابل ثار على يزيد حيث كانت الأرضية ممهدة للثورة والانتصار الذي يخلد الإسلام ومبادئه."

 

فيجب علينا أن نقرأ تاريخ وسيرة الإمام الحسن عليه السلام بهذا النحو الذي بذل فيه صلوات الله وسلامه عليه كل ما يملك وتحمل كل الأذى للسبيل في وضع الأساس للتمهيد لنهضة الأمة الإسلامية بعد أن انحرف مسارها عن سيرة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه واله بعد إنقلاب السقيفة وتبعاتها، ولكن للأسف أصبح بعض الشيعة وقياداتهم يقرأون تاريخ الإمام عليه السلام على النحو الخاطىء ويجعلون صلح الإمام عليه السلام مع معاوية شماعة يعلق عليها تزلفهم وإنبطاحهم للأخر ! والحديث في هذا ذا شجون.

 

مجدداً نباركم لك هذه المناسبة السعيدة ورزقنا الله وإياكم للإقتداء بإمامنا الحسن المجتبى عليه السلام والمساهمة في التغيير في مجتمعنا نحو الأفضل بإذن الله ، أسعد الله أيامكم .