نسيم الكمال


هبَّ النسيمُ الغَضُ يحمِلُ ريحَهُ
فاخضَرَّ غُصنٌ يابسٌ وابِهِ اطمأن

وَتَنَفَسَ الصدرُ الكئِيبُ أريجَهُ
فامتد مُتَّسِعاً على رُغمِ الشَّجَن

كلٌ يلملِمُ في الهوى أشجانَهُ
إن لم يكُن لَكَ سيدي فَلِمَن إذن

لكمالِ وصفٍ ما بَدى لأولي النُهى
إلا بِحُبِ الآلِ ناظِرُهُ افتتن

وُلِد ابنُ فاطِمةٍ وسِبطُ محمدٍ
ولأجلِِه كُلُ الجِنانِ تَهيئَن

ياليلةً رَفَعَ الإِلهُ مَقَامَها
لما تَخيرها لمولِدِهِ وَطَن

فتنوَّرَت لقدومِهِ وَتزيَّنَت
وكأنها صُبحٌ تَبدَّت للعَلَن

قُل لي بِربِكَ مافَعَلتَ وما الذي
جَمَعَ القُلوبَ النافِراتِ بِها مَعاً

الحاءُ حُسنٌ والسمو بِسينِهِ
والنونُ نورٌ في مَحاسِنِهِ رَزَن

رُوحُ السعادَةِ أطبَقت بِقُدومِهِ
وَغَدَت تُجَلل بيتَ وحيٍ بالمِنن

يابسمةً بِفَمِ الزمانِ تَزيَّنت
لما لمهدِكَ سيدُ الكونِ احتَضن

نُحيي بأُنسٍ ليلةً فيها ازدهى
مَن ذِكرُهُ بالجودِ والكرمِ اقترن

ومَن ارتَدى ثوبَ المهابةِ والعُلى
فتفاخَرَ الثَوبُ المُهيبُ بما ضَمَن

شمسٌ زَهت بالأُفقِ بين غُيومها
وكذا الشُموسُ الطالعاتُ إذا بَدَن

الدينُ طه والخُلودُ حُسينُهُ
أما بَقاءُ المقتَفينَ فبِالحَسَن

ذريةٌ مِن بَعضِها بعضٌ أتت
وكذا اصطِفاءُ اللهِ تَمَّ وذي السُنَنَ

جَبَلٌ تطاولَ بِالسمَاءِ بصبرهِ
لو وُزِنا لعلى الجِبالِ إِذاً وَزَن

كم حَاوَلُوا إِطفَاء نُورِكَ جَهدَهم
أوينطَفِي نُورُ الإلهِ وَقَد ضَمَن

قالوا تَزوَّجَ بِالمِئاتِ إِمامُهُم
وإلى اللذائِذِ عن شَدائِدِها رَكَن

وَرَضَى بِصُلحٍ طائِعاً ومُسَِّلماً
وعَنِ الجِهادِ الحق سَيدُهُم جَبَن

يا صَاحِبَ الصَبرِ الذي لو زُلزِلَت
راسِ الجِبالِ تَهَدَّمَت ولَمَا وَهَن

أوما دَروا ما كُنيةَ البطلِ الذي
في بَدرِ والأحزابِ أَعظُمَهم طَحَن

وكأنَّهُم لم يَسمَعُوا عن أُمِهِ
مِن أَيِ صَدرٍ قَد سُقِي حُلو اللَبَن

وَمَنِ الذي إِن مَرَّ في دربٍ لَهُ
كُلُ لهيبَتِهِ وسُؤدَدِهِ سَكَن

كَم عاصِفٍ قَصَدَ الشريعَةَ ردَّهُ
عَن حوضِها المَورُودَ رَدادُ الفِتَن

لا عيبَ في ثوبٍ لَبِستَ وإِنما
غِلٌ لقومٍ أُعجِزوا فَبِهِم سَكَن

عَصَفَت به كُلُّ النوائِبِ فَارتأى
صلحاً ليُظهِرَ لِلخِلائِق ما بَطَن

كَشَفَ السِتَارَ وبانَ وَجهُ أميةٍ
قُبحاً وفاحَت مِنهُمُ رِيحُ العَفَن

لولاهُ لم يِبقَ لِدِينِ مُحَمَّدٍ
مُتَدَيِّنٌ فبصُلحِهِ دَمُهُم حَقَن

أَنَّى لِِدِينٍ أن يَكونَ مُخَلَّداً
إن لم يكُن فِي كَفِّ مِثلَِكَ مُؤتََمن

جَهِلَ الأباعِدُ والأقِاربُ قَصدَهُ
لكِنهُ بأَبي وأُمي قَد فَطَن

وَضَع الأسَاسَ لثورةٍ أَبعادُها
غَطَّت مقاييسَ المكانِ مَعَ الزَّمَن

مَن كان حيدَرَةٌ أَبُوهُ فَمَالَهُ
بالجُبنِ عِلمٌ حَسبُهُ أن يَسمَعَن

ووحِيدةُ المُختارِ فاطِمُ أُمُّهُ
فلَِم التجاسُرُ ويلَكُم ولِم الإحَن

جُمِعَت خِصالُ الوَحي فِيهِ فأشرَقت
كَأجَلِ نَورٍ إن مَشَى فِيهِم مَشَن

جَمَعَ الكَمَالَ بِجانِبيهِ كِليهِمَا
فتكامَل الخُلُق الرَّفيعُ مَعَ البَدَن

مِن خَيرِ أهلِ الأرضِ طينتُُه فيا
سبحانَ مَن بِاللُّطفِ طينَتَه عَجَن

إِني أَعُدُّ خِصالَهُ وكَأَنَّنِي
مَن ضاعَ فِي عَدِّ النُجومِ بِذا الدُجَن

ما نَالَ وصفُكَ بالأنامِ مُفَوهٌ
يَكفِي لِمِثلِكَ أن يُقال هُوَ الحَسَن

صَلَّى الإلهُ عَلى البشيرِ وآلِه
ولِمن تجاسَرَ بالعَداءِ لهُم لعَن