عالمية النهضة الحسينية!

لا شك بأن النهضة الحسينية التي بدأت بخروج الإمام الحسين كان هدفها الإصلاح في امة الإسلام، وكما أن مشاكل الأمة الاسلامية وأمراضها تعتبر نموذج يتكرر لباقي الأمم والشعوب لذا استوجب ان يكون العلاج على يد رجل يستطيع ان يصنع علاجاً ونهجاً لباقي الأمم والشعوب، فلذلك كانت النهضة الحسينية عالمية بامتياز ونموذج حياً للثورات طوال التاريخ لما تحمل من مضامين واهداف تستطيع كل شعوب العالم ان تسلكه للخلاص من طواغيتها المتسلطة على رقابها بشكل دائم.

وحتى نعرف الظروف التي ساهمت في ثورة الإمام الحسين والتي كانت سبباً رئيسياً لنهضته المباركة ولبذل دمه الشريف فالغاية كانت سامية والأسباب كانت ملحة تستوجب التضحية بالنفس والمال والولد منها: -

ان ولاية يزيد ابن معاوية لم تخضع لأي انتخابات او لصناديق اقتراع أو شورى او حتى راي اهل الحل والعقد في الأمة، إنما كان السيف والمال والقوة، هم الذين انتخبوا يزيد وأجلسوه على كرسي الخلافة، إذ جمع معاوية أهل الشام واقام الخطيب وقال: إن امير المؤمنين هذا واشار الى معاوية! وإن مات فهذا واشار الى يزيد! ومن ابى فهذا واشار الى السيف!

قام يزيد بسفك الدم الحرام وقتل الأنفس البريئة من بداية حكمه وهذا يخالف كل التعاليم الاسلامية والقيم الانسانية، خاصة وأن يزيد استهل حكمه بقتل الكثير من خيرة الصحابة والتابعين وأهل العلم والدين، كما يقول الله عز وجل: « من قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعأً ».

اهدار المال العام بطريقة عبثية إذ أنفق يزيد اموال الدولة والشعب على ملذاته ونزواته من الخمور والقرود والكلاب والغانيات، وعلى حفنة من المرتزقة والعصابات، فيما يحرم الفقراء والمساكين من تلك الأموال والحقوق، مما زاد من حالة الفقر والعوز لدى كل فئات الشعب.

اشاعة حالة من السلوك المنحرف الذي يصدم الأمة في قيمها وتقاليدها فقد عملت السلطة بأوامر يزيد كل ما في وسعها من اجل تحطيم قيم الأمة الاسلامية بإشاعة الفواحش والمنكرات دون مراعاة لها.

سيطرة الاستبداد في الحكم على كل مفاصل الدولة مما جعل الحكم يتحول الى حالة من الدكتاتورية المتسلطة على كل مفاصل الحكم والسلطة سواءً التشريعية والقضائية والتنفيذية دون أن يكون لأحد حق في التكلم او الاعتراض.

مصادرة الحريات الشخصية وسلب الحقوق المدنية ومنع حرية الرأي والفكر والمعتقد، وتم اعتقال سجناء الرأي المخالفين ليزيد وسجنهم في زنازين ومعتقلات، وتم قتل الكثير منهم دون مسوغ شرعي او قانوني!

اهمال يزيد في مصالح الأمة وتقصيره في قيادة الدولة خاصة مع الأخطار الخارجية من جهة النصارى مما سبب في بداية انكماش للقوى السلامية في العالم.

العنصرية التي ظهرت في الدولة ابان حكم يزيد وقبله ابيه حيث تم التمييز بين العرب والعجم وايضاً فيما بين العرب تم التمييز بين القرشي وغيرهم خاصة في الحدود الشرعية والقانونية التي اوجبتها الشريعة الاسلامية على الناس وهذه الحالة سببت فجوة اجتماعية في اوساط الامة.

كل هذه الظروف والمعطيات استوجبت أن يخرج الحسين ليضحي بنفسه في محراب الشهادة ويكون نموذج للعالم كله الى يوم القيامة، فقد انتصر عنفوان الدم على همجية السيف وهزم كبرياء الشهادة جبروت الطواغيت.