شرف الخدمة الحسينية «المضائف الحسينية»

قوله تعالى:«مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ»

الحياة الطيبة تنال بأمرين: الإيمان والعمل الصالح. هذا هو طريق الحياة السعيدة الهانئة، القانعة المطمئنة، التي هي مطلب الناس أجمعين، وقد أوجزت هذه الآية مقومات هذه الحياة، ورسمت معالمها، في إيجاز معجز، مع وفاء كامل بالمعنى.

ونحن في ذكرى النهضة الحسينية الخالدة نتوقف عند أهمية هذه الذكرى ودورها الفاعل في المجتمع، وذلك من خلال مفاهيم وقيم أخلاقية نأخذها من هذه النهضة المباركة.

الخدمةالحسينية والعمل الحضاري والرقي الاجتماعي.

ونحن في رحاب هذه الذكرى حيث تستنفر الطاقات من مختلف الفئات والاعمار وتتعدد الخدمات وتفتح المآتم ابوابهابكافة الامكانات استعدادا لهذه الفاجعة الاليمة وتجند الطاقات لنيل شرف هذه الخدمة.

خدمةالإمام الحسين مهما كانت تلك الخدمة التي نقوم بها في سبيل الإمام الحسين صغيرةً فإنها كبيرة عند الله سبحانه وتعالى؛ وما أكثر الروايات والقصص الواردة في ذلك.

ان الاخلاص والتفاني في العمل الحسيني يجعل من الناس مخلدون على مدى التاريخ والدهر لأن اعمالهم لازالت موجودة وتذكر، فكل انسان اجاد الخدمة الحسينية بطيب خاطر كان ثواب اعماله سجل في ميزان حسناته.

ان خدمة الحسين بصورتها الحقيقية هي الشرف الأعظم.

ولكن كيف يتم ذلك وماهي مفاهيم ومبادئ وقيم هده الخدمة الحسينية العظيمة?

مادا نكتسب منها وما نتعلم منها ?

هناك نقاط يجب أن نتوقف عندها لما تمثل هده الخدمة من معاني سامية وشرف عظيم لنا لهذا يجب أن نتخلق بأخلاق تلك القيم والمبادئ التي رسمتها لنا هذه الذكرى بكل ماتحمل من معنى.

«المضائف الحسينية. »

اود ان اشير هنا في هذا المقال اني لا استهدف فيها اي جهة ولكن من باب استفتاء اراء الشارع امام هذه الظاهرة المنتشرة وهي

المضائف الحسينية وأود أوضح أولاً بأنني لست ضد إطعام المؤمنين من بركات أهل البيت .

و لست ضد المضائف الحسينية وخدمتها، بل نحن معها ومنها، بشرط تنوع نشاطها والسعي إلى تطويرها ويجب إن بكون العمل بالقدر المعقول الذي لا يصل إلى حد الإسراف. وموضوعي هو إضفاء صبغة ثقافية على المضائف من أجل الإستفادة من الطاقات الشبابية وتشجيعها على العطاء الفكري بمختلف أنواعه من أجل تبيان مباديء وقيم أهل البيت

إن من الضروري أن نحاسب أنفسنا على سلوكيات ومظاهر الإسراف والتبذير حتى في مؤسساتنا الدينية، فالنعمة لا تدوم. وهي مسئولية نستشعرها تجاه أهلنا ومجتمعنا، وندعو علماء الدين وخصوصاً الخطباء الذين يرتقون المنابر حفطهم الله لنا جميعا ومتعنا ببقائهم والتزود بعلمهم وثقافتهم وفكرهم، وتحمل مسئولياتهم في هذا المجال للتنبيه والتوجيه لما هو أفضل عائداً وثواباً، في الدنيا والآخرة وكذلك اصحاب المآتم الحسينية.

انها ظاهره ملفته للنظر تزاحم هذه المضائف حتى اصبحت مناسبتنا فقط تفاخر وتباهي من يقدم الطعام افضل غير ذلك من مظاهر تزاحم جمهور المستمعين على هذه المضائف وكأن مجتمعنا صابه الجوع والعطش.

ان مايقارب من نصف هذه الكمية من الأطعمة مصيره سيؤول إلى مكب النفايات لغزارة هذا الاغداق والذي يظن اصحابه انه كرم الضيافة الحسيني.

كان العزاء في حقبة الثمانينات متواضعا جدا وشحيحا فيما يخص المأكولات والمشروبات ولكنه يمتاز بالروحانية والإندماج الكلي مع قلة المثقفين والخريجين، واليوم مع نعمة العلم والتطورات المعلوماتية ووفرة في الأموال اصبحنا لانفكر سوى في المأكل والمشرب والتنافس بذلك، فأصبحت كل مناسباتنا الدينية عبارة عن مهرجانات للأطعمة والمشروبات يتنافس فيها أصحاب المضائف، وغابت الروحانية عن المآتم والعزاء بل وكل المناسبات الحزينة والسعيدة.

تزدحم معظم القرى والمدن بالعديد من المضائف، وتجد البعض منهم ينصرفون لتناول الاطعمة المنوعة ويترك التعزية وكأننا في مهرجان للأكل والشرب ولسنا في تعزية. فهل تم اختزال ثورة الإمام في الأكل والشرب»؟

انما اراه ويراه الكثير من سلبيات وأضرارا لهذه المضايف، من إفقاد التعزية قدسيتها وروحانيتها، وتناول الكثير من الطعام والشراب دون حاجة، وأضرار ذلك الإسراف من الناحية الصحية والبيئية حيث عدم التزام البعض بالنظافة العامة وآداب الطريق، وهو ما لا يتفق مع سيرة المصطفى وصاحب هذه الذكرى

أضافة الى ذلك تعطيل حركة السير والتزاحم الغير مبرر كذلك تشغيل العزاء والأناشيد العراقية باصوات مرتفعةالغريبة على مجتمعنا والتي في محتواها ان الموسيقى تغلب على الكلام. هذه المضائف ظاهرة ليست بجديدة. في الماضي نشأ المضيف الحسيني ليوزع الماء البارد في مواكب أبي عبدالله الحسين في الصيف الحار ليساعدهم على الاجواء الحارة في الصيف، ونيل شرف هذه الخدمة العظيمة التي لم تقتصر على هذا المستوى بل الفنون المسرحية أنذاك والخيام التجسيدية وغيرها من الأفاق الثقافية الواسعة في ذاك الوقت، اما اليوم فإن المضائف تفتقد لثقافة البذل والعطاء الحسيني. لتصبح مضيف للأطعمة فقط بدل أن تسهم في أدوار تطور من خدماتها في سبيل القبول والرضا الحسيني لهذا الخدمة من استغلال طاقات افرادها في انشاء مضائف حسينية ثقافية والتي نفتقر اليها لتزويد هذاالكم الهائل من جمهور المستمعين المكتض بالشباب. ليتم صرف الأموال بتوفير اصدرات ثقافية تخدم شبابنا وفكرهم.

بيدنا أن نكون حسينيين في أهدافنا ومنهجنا. لنأمر بالمعروف وننهى عن المنكر.

فبعد أن كانت الأنظار توجه لنا في احياء ذكرى أهل البيت باتت انظارنا توجه لغيرنا في البلدان الاخرى لمدى تنظيمهم ولإبداعهم ولتوصيلهم لثورة الحسين بطرق مشرفة ولنقلهم لأهداف الحسين ونتائج ثورته بالصورة التي تغير نظرة الآخر لهذه المناسبة التي لم تعد تقتصر على الشيعي بل امتدت لتشمل السني والمسيحي ووووو.

إننا اليوم نعاني من تشتيت اهداف ثورة امامنا في ظل هذه الهجمات الشرسة لمذهب اهل البيت ولثورة الامام الحسين خاصة بتركيزنا على الأطعمة بل وبإسرافنا في ذلك، فلنضع ايدينا مع بعض، ولندفع شبابنا لإبداعات اخرى تظهر لنا معاني سامية لثورة الحسين .

نعم للمراسم الحسينية ونعم للأدب الحسيني ونعم لكل ابداع.

ولا، للااسراف المقيت في الأطعمة، ولتهدى اموالها في تزويج الشباب المحتاج وعلاج من هم بحاجة للعلاج او حتى الأطعمة نفسها قبل طبخها لمن يستحقها من المحتاجين والفقراء. أولتوفير السكن الآمن لهده الفئة

بيدنا أن نكون حسينيين في أهدافنا ومنهجنا. لنأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وبيدنا ان نصمت ونراقب هذه الظواهر. ومازال الوقت مبكرا لإصلاح الخلل وتدارك الاشكالات قبل أن تتجدر في النسيج الاجتماعي وتكتسب قدسية يصعب معها أي محاولة لإصلاحها. وعلى المعنيين إخضاعها للتقييم، فالجميع طلاب خير وصلاح.

لن نتوقف هنا ولكن انها البداية نحو حملة تطوير وتغيير نهج هذه المضائف. فعاشوراء الحسين أسمى من ان تقتصر في مهرجان للأطعمة.

معا لموسم عاشوراء خالي من الإسراف وليكن شعارا يحمله أطفالنا قبالة هذه المضائف لعلهم يلتفتون لهم ويعون إسرافهم.

وا تمنى مشاركة اكبر عدد من الشباب لانهم المعنيين بشكل أكبر بهذا الموضوع فكثير منهم من يعمل بالخدمة في هذه المضائف المباركة ليقوموا بواجبهم الحسيني.

وفقني الله واياكم لكل خير وسلامة وامان لقطيفنا الحبيبة.

علي حسن آل ثاني كاتب في الشبكات المواقع والصحف المحلية والخليجية