قطرات من بحر الإمام
في كل عام يجذبني الفكر لأرفع القلم بين أصابعي لأسجل بعض الكلمات في هذا الإمام الهمام والتي أعلم يقيناً أنها لا تمثل شيئاً قُبال حقه العظيم ولكن تسجيلها من باب ما لا يدرك كله لايترك جله.
وفي هذا العام لن نطرق حديثاً ولا موضوعاً بعينه بل سنستقي من نمير الإمام «عج» ما لذ وطاب من عذب ذكره سواء في القرآن الكريم أو الحديث الشريف أو رؤية جماله وغيرها من الموضوعات التي تناسب المقام.
فمن بعض ما ورد من الآيات التي قال بعض المفسرين وغيرهم أنها في حق الإمام المهدي «عج» - قوله تعالى «هدى للمتقين - الذين يؤمنون بالغيب» «1»، قال: إن المتقين هم المؤمنون بالإمام المهدي والمؤمن بالغيب هو الإمام نفسه «2».
وقوله تعالى «وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم» «3».
هذه الآية من جملة الآيات المُأولة بالإمام المهدي ومعنى الآية على الظاهر إن الله وعد المؤمنين من هذه الأمة، الصالحين أن يجعلهم يخلفون من قبلهم» «4»
وفي الآية الشريفة «لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً» «5»، روي عن الإمام الصادق في هذه الآية الشريفة قوله «إن لله ودائع مؤمنين من أصلاب قوم كافرين ومنافقين و«قائمنا» لن يظهر حتى تخرج ودائع الله، فإذا خرجت ظهر فيقتل الكفار والمنافقين» «6».
وهذا قيض من فيض، وأما في السنة المحمدية المطهرة فقد فاضت الروايات أيضاً الذاكرة للإمام المهدي «عج» وفضله وخروجه وشرف نصرته والتي منها: -
1 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله «المهدي مني أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، يملك سبع سنين» «7».
2 - قوله : «لاتذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي» «8».
3 - عن النبي «صلوات الله عليه» قال «يلِي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي قال عاصم: وأنا أبوصالح عن أبي هريرة قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلِي» «9».
وهذه الآيات والأحاديث شواهد على بركة وجوده صلوات الله عليه وكيف تستفيد الناس من هذا الوجود باللقاء والتواصل الذي يعود على الأمة بالنفع والفائدة وقد سجلت لنا الكثير من المصادر والمراجع والكتب من تلك اللقاءات الشيء الكثير والتي نذكر منها نزراً يسيراً لضيق المقام: -
1 - تشرف السيد عطوة الحسني بلقائه حيث كان زيدي المذهب وأبناءه على مذهب الأمامية وكان ينكر عليهم ويقول لا أصدقكم حتى يأتي صاحبكم «يعني الإمام المهدي ويبرئني مما أنا فيه حيث كان مريضاً، وذات يوم أخذ يصيح ويستغيث بأبنائه فلما أتوه قال: الحقوا صاحبكم فالساعة خرج من عندي فخرجوا فلم يروا أحداً بعد أن دخل «عج» فعصر موضع الألم ومررت يدي فلم أجد لما بي أثراً» «10».
وفي حكاية أخرى عن العلامة المجلسي قال: أخبرني جماعة عن السيد الميرزا محمد الاسترآبادي «قده» قال: كنت أطوف في البيت الحرام إذ أتى شاب حسن الوجه يطوف فلما اقترب مني أعطاني طاقة ورد أحمر في غير أوانه فأخذته منه وقلت له من أين ياسيدي؟ قال من الخربات، ثم غاب ولم أره» «11».
وأخيراً قصة المقدس الاردبيلي التي ينقلها السيد أمير علاّم مع أمير المؤمنين من طرحه لبعض الأسئلة على الأمير وأنه أوكل الإجابة عليها للأمام الحجة «عج» ولقاء الشيخ الاردبيلي بالإمام في مسجد الكوفة والقصة معروفة ومنقولة في أكثر من كتاب» «12».
نعم هكذا ملأ وجوده الشريف عالمنا بالعطاء وبالخير والبركة ويظل الباري تبارك وتعالى يمتّع الناس بوجوده حتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، ويزداد نور وجوده حتى يراه الناس عياناً بياناً وليس ذلك على الله ببعيد «اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً».