الشباب السعودي والطموح
من الواجب الوطني والإنساني، سوف أتناول ما بوسعي طرحه في مقالي هذا عن معاناة الشباب وطموح المستقبل، ومن الجانب الآخر أراه الأكثر أهمية وتأثيراً وبالتحديد في وقتنا الراهن بالنسبة لكل شاب وشابة في مقتبل العمر والذي قد لا يختلف من حيث الهدف والمضمون عن الذين سبقوهم من أجيال وهو الجانب الإجتماعي.
فمن البديهي أن النجاح والقدرة على الإعتماد على النفس هما أمنية الشباب من الجنسين من دون استثناء ولكن تحقيق هذه الأمنية بحاجة إلى أساسيات فمنها المهمة، تلك الجوانب الحياتية الأولى لتحقيق ذلك الأمل والطموح الجميل، هو دور الأسرة وذلك بالتربية الحسنة والتحفيز والتشجيع على التعليم والتدريب والتأهيل، ومن الأساسيات الأخرى والتي تقع مسؤوليتها على المؤسسات الحكومية والأهلية، وبالتعاون المشترك بينها وبين الأسرة والمجتمع، هو توفير فرص التعليم والتدريب، ومتى تهيأت البيئة المناسبة والدعم السخي فسوف يرسم في ذهن الشاب السعودي والفتاة السعودية، الاطمئنان بمستقبل زاهر وحياة سعيدة وبأحلام العمر والتي سوف تمضي فتراتها بسلاسة حتى يتحقق ذلك الهدف السامي من دون مصاعب أو عراقيل مؤلمة لا سمح الله.
فشبابنا كغيره من شعوب العالم يعيش مرحلة من الوعي والإدراك وهو يتفوق بخصائص الانفتاح على العالم بأكثر مما كان عليه في السابق مما يتطلب تسخير كل الطاقات والوسائل التي تناسب هذه المرحلة الدقيقة فالشباب هم الثروة الحقيقية لأي مجتمع وهم صمام الأمان وهم القوة وهم المقياس في تقدم الأمم أو تأخرها وهذا يستدعي إعطاءهم اهتماماً بالغ الأهمية والجدية.
إن من نافلة القول أن شبابنا سواءً الطلبة أثناء العطل الصيفية أو العاطلين عن العمل يعانون كثيراً من الفراغ، لذلك نحن بحاجة لتوفير فرص عمل وتدريب تخرجهم من بوتقة هذا الفراغ القاتل وتحفظ لهم مستقبلهم وكرامتهم وهو ما سوف يساهم بإذن الله في القضاء على الكثير من الجوانب السلبية غير المحببة والتي تنتج عادةً بسبب الفراغ، وحينها ستدفع عجلة التقدم والبناء إلى الأمام.
من المعلوم للجميع ما تعانيه الطاقات الشبابية اليوم من الجنسين، والتي تحمل المؤهلات والكفاءات العلمية العالية من طب وهندسة وعلوم وتقنية متنوعة ومن خبرات تدريبية مهنية وعملية، من عدم التوظيف أو الوظائف التي لا تناسب مؤهلاتهم العلمية وخبراتهم بينما من المفروض أن تكون هذه الكوادر الوطنية المتميزة في موقع وظيفي ومهني مرموق يتناسب مع ما لديها من قدرات ومهارات تؤهل العديد منهم أن يكونوا ليس عمال في الوظائف الدنيا بل مشرفين ومدربين ورؤساء أقسام ومدراء إدارات وحيث للأسف الشديد فقد الكثير منهم الأمل مما يعانون منه من تراكمات سابقة من عدم استقرار وعدم وجود ضمان وظيفي يغنيهم عن الحاجة ويؤمن لهم حياة سعيدة حتى أصبح كل بيت لا يخلو من شخص أو أكثر لا يعمل ويعيش عبئاً على أسرته والتي تعاني أصلاً من صعوبة وتكلفة الحياة المعيشية الراهنة.
لا يخفى على أحد أن هناك مبادرات تلوح في الأفق، تقوم بها حكومتنا الرشيدة، تؤكد مما لا شك فيه الحرص والإصرار على بناء الإنسان السعودي وتوفير كل متطلباته الحياتية والمعيشية والأمنية ليعيش حياة كريمة هادئة في وطن يتمتع بفضل الله بالخيرات الكثيرة والأمن والإستقرار وهو مرآة العالم الإسلامي حيث كرمه الله بأطهر بقاع الأرض «الحرمين الشريفين مكة المكرمة وبها الكعبة المشرفة قبلة المسلمين والمدينة المنورة وبها المسجد النبوي الشريف» ومن هذه المبادرات على سبيل المثال لا الحصر اقتصار كثير من المهن والوظائف على السعوديين.
لذلك ومن منطلق الواجب الديني والإنساني والأخلاقي ثم الوطني علينا جميعاً وكأمة تخاف الله أن نحكم الضمير بتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقنا كاملة، والمرجو من الجهات المعنية والمختصة أن تساعد وتلبي رغبات هؤلاء الشباب وطموح المستقبل لديهم وأن تؤدي الأمانة التي في رقابها وأن تقوم بواجبها على أكمل وجه من العمل المخلص والمتواصل وهم قادرون على ذلك بإذن الله، حتى تحقيق ما تصبوا إليه الدولة، بأن بناء المواطن السعودي هو اهتمامها الأول والأخير، والمأمول أيضآ من تلك الجهات من زاوية أخرى، أن تبادر بفتح مكاتب توظيف الشباب في كل منطقة ومحافظة لكي يتسنى لهؤلاء الشباب الحصول على وظائف بأسرع وقت ممكن ومن غير عناء، ولسنا هنا بحاجة إلى تعداد تلك الجهات والمقرات في كافة قطاعات الدولة الواسعة المدنية منها والعسكرية والتعليم والصحة والإتصالات وغيرها الكثير الكثير وكذلك الشركات العملاقة الرائدة كأرامكو السعودية وسابك وغيرها والتي بإمكانها استيعاب أعداد ليست بالقليلة من الشباب السعودي العاطل عن العمل بجميع تخصصاتهم العلمية والمهنية والإدارية وفي مجال النفط والغاز والطاقة وغيرها وإن ربوع الوطن الحبيب تزخر بمدنه ومواقعه الصناعية والتجارية والاستثمارية والتي هي مصدر فخر لنا كمواطنين سعوديين ومن حق شبابنا أن يعملوا وينتفعوا بها جيلاً بعد جيل، فهم ثروة الوطن الحبيب التي لا تقدر بثمن.
كما على وسائل الإعلام المحلية المتنوعة مسؤولية عظيمة بإطلاع الشباب وتعريفهم على الخيرات التي يزخر بها الوطن وأن يرشدوهم ويدلوهم على الشركات والمؤسسات الحكومية والأهلية التي لديها من الوظائف ما يتناسب مع أعمارهم وقدراتهم وتحصيلهم العلمي والتي يفوق عددها الآلاف والتي يشغل جزء كبير منها الأيدي العاملة من غير السعوديين. كما على الإعلام أيضاً وبكافة وسائله وهو الجهة المخولة أن يواظب على مقابلة المسؤولين بمختلف مناصبهم ورتبهم والاطمئنان منهم على سير العمل والإنجازات التي بذلت والخطط المستقبلية التي ستبذل من أجل هؤلاء الشباب مع التأكيد على تغيير النمط القديم إلى الجديد ضمن رؤية المملكة الواعدة «2030» ويوضح الاستراتيجية للجميع بكل شفافية.
وفي الختام أحث شبابنا الأعزاء، على أن لا ييأسوا ولا يتكاسلوا بل عليهم أن يؤدوا دورهم المناط على عاتقهم أيضاً بأن يبادروا بأنفسهم ولا يقفوا عاجزين في السعي وراء العمل والقبول بما يتاح لهم من فرص في الوقت الحالي وهي المرحلة الانتقالية الأولى من الوظائف والمهن المدرجة حسب الخطط المدروسة من قبل الدولة لمزاولة العمل فيها للسعوديين حتى يتحقق الطموح الأفضل لهم وليثقوا أن الدولة لن تدخر وسعاً إلا وستبذله بعون الله تعالى لتحقيق النجاح للجميع.
نسأل الله القدير أن يوفق الجميع وأن يديم على هذا البلد المبارك خيراته وأمنه، وأن يشد أزر شبابه وان يحققوا أمنياتهم وطموحهم وأن يكونوا بإذن الله نافعين لأنفسهم ولمجتمعهم ولوطنهم إنه سميع مجيب.