ماذا فعل بنا « #تويتر » ورفاقه؟
لعقود طويلة، مارس الإعلام بمختلف أشكاله ومستوياته، كثيرا من الأدوار والوظائف، واستطاع بما يملك من قوى وأذرع أن يُهيمن على كثير من مفاصل/تفاصيل حياتنا، الصغيرة والكبيرة. ويبدو أن تلك المقولة الشهيرة: «السلطة الرابعة» التي تضع الإعلام كنتيجة تراتبية بعد السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، لم تعد وصفاً دقيقاً ومناسباً للإعلام، خاصة في نسخته الجديدة التي ظهرت ملامحها الحقيقية في بداية الألفية الثالثة من عمر التاريخ الإنساني؛ إذ تحوّل الإعلام من مجرد ناقل للأخبار والأحداث، إلى مساهم فاعل في تشكيل وصياغة الرأي العام، إلى أن أصبح الآن منظومة كبرى تقود العالم.
الإعلام الجديد بأذرعه وأسلحته الإلكترونية المذهلة، وبشبكاته ومنصاته الاجتماعية المثيرة، تحوّل إلى نمط عيش وأسلوب حياة. «تويتر» و» فيسبوك» و» إنستجرام» و» سناب شات» و» واتساب» و» يوتيوب» وغيرها من الوسائل والبرامج والتطبيقات الإعلامية الجديدة، هي التي تقود حياة المجتمعات بأفرادها ومكوناتها؛ لأنها عوالم وسماوات من العلم والمعرفة والتقنية والمتعة والبهجة والفن والأدب والسحر والدهشة.
إن أهم ما يُميز الإعلام الجديد بكل وسائله وشبكاته، هو قدرته الفائقة على الانتشار في كل الفضاءات والمساحات بكل سرعة وسهولة، ومساهمته الفاعلة في تقريب المسافات والقناعات بين مختلف الجهات والتعبيرات، ورغبته الدائمة في التكيف والتطور أمام كل المتغيرات والتحولات.
الإعلام الجديد الذي بشّر بثورة معلوماتية هائلة، والذي نفض/غربل بقوة غبار تلك الوسائل والطرق والشاشات الإعلامية التقليدية التي هيمنت على المسيرة البشرية عقودا طويلة، هو الذي يقود هذه «الحقبة الزمنية» الخطيرة، التي يُصاغ ويُشكّل ويُوجّه فيها «عالم جديد» لا يشبه أبداً كل تلك العوالم السابقة.
كثيرة هي هبات وفوائد هذه الوسائل والمنصات والشبكات، تماماً كما هي كثيرة سلبياتها ومضارها، وتلك هي طبيعة الأشياء/الأمور ذات حدين/استخدامين، ولكن أجملها على الإطلاق، هي قدرتها الساحرة على إغوائنا لنسقط بكل حب واندفاع في اتجاه بساطتنا وعفويتنا. وهذه «الشبكات الحياتية»، جعلتنا نُشبه أنفسنا، ونتصرف على سجيتنا، ونعيش حياتنا كما يحلو لنا. هي باختصار، حكايتنا البسيطة التي نكتبها ونصورها ونرسلها كل لحظة لمن نُحب. هي باختصار، صندوق أحلامنا الذي ندس فيه حماقاتنا وضحكاتنا وعفويتنا، بعد أن أزلنا منه كل تلك العُقَد والمخاوف والهواجس.
«تويتر» ورفاقه، أعادت لنا حياتنا التي سُرقت منا كل تلك السنين.