ما الذي ينقص تعليمنا الوطني ؟
اليوم، تعود الحياة مجدداً لأكثر من 38 ألف مدرسة تنتشر على امتداد هذا الوطن الكبير المترامي الأطراف، لتستقبل أكثر من خمسة ملايين ونصف المليون طالب وطالبة، ينتظرهم منذ عدة أيام 600 ألف معلم ومعلمة، ليصدح النشيد الوطني الملهم بعد طول غياب.
هذه الأرقام المليونية، وكل ما يُصاحبها من تداعيات وارتدادات وتحديات، تؤكد بما لا يدعو للشك، بأن التعليم هو الرقم الصعب في مسيرة هذا الوطن الجميل الذي يصنع تحولاً نهضوياً وتنموياً مذهلاً، ويُثبّت بوصلة/ رؤية واعدة لمستقبل مشرق.
والكتابة عن تعليمنا الوطني، واقعه وتحدياته وآماله، تحتاج للكثير من المساحات والفضاءات والقناعات، وهي أكبر بكثير من مجرد مقال هنا أو تقرير هناك. فقط، سأضع باختصار شديد، أربع نقاط/ محاور أجدها تستحق أن يُكثّف عليها الضوء، لما لها من قيمة وأهمية وخطورة وتأثير في نجاح تعليمنا الوطني:
المحور الأول، وهو ضرورة وجود قناعة راسخة من قبل كل أطراف العملية التعليمية، بأن التعليم هو القاطرة الحقيقية التي ستقودنا بسرعة وثبات وثقة إلى التقدم والتطور والازدهار. والتعليم ليس مجرد وسيلة للظفر بشهادة تمنح حاملها فرصة للحصول على وظيفة، هذا إن وجدت طبعاً، بل هو «القيمة الكبرى» التي تستحق الفخر.
المحور الثاني، وهو المعلم الذي يُكمل الأضلاع الأربعة في «مربع التعليم» وهي الطالب والمنهج، والمبنى المدرسي والمعلم. لقد حان الوقت، أكثر من أي وقت مضى، لتحرير المعلم من كل تلك الأعباء والمسؤوليات والأدوار التي تُعيقه عن تحقيق رسالته المقدسة، وهي صنع الشخصية المتكاملة للنشء والشباب. حصص نشاط ومناوبات مرهقة ودفاتر تحضير وأعداد كبيرة من الطلاب، وتعبئة نماذج واستمارات لا حصر لها والكثير الكثير من الأعباء.
المحور الثالث، وهو الطالب الذي يُمثّل «حجر الزاوية» في العملية التعليمية، بل والهدف المنشود لكل خطط وإستراتيجيات وطموحات الوطن. الطالب الآن، يختلف كثيراً عن تلك الحقب والظروف والإمكانات السابقة، فهو الآن أكثر قرباً وتفاعلاً وممارسة لوسائل التقنية الحديثة، ومواقع وشبكات الإنترنت الواسعة، والتي آن لها أن تُؤنسَن في مدارسنا لتتناسب مع عقلية وقدرة ومزاج الطالب الحديث.
المحور الرابع، وهو المنهج الدراسي. مناهجنا الدراسية، رغم كل ما طرأ عليه من تغيير وتعديل وغربلة، إلا أنها مازالت تقليدية ونمطية وتلقينية. التعليم الإلكتروني الذي تُمارسه بصدق وفاعلية الدول المتقدمة عالمياً في قطاع التعليم، لم يعد مجرد تجربة نستأنس بتطبيق بعض بنودها وفصولها، لكنه بحاجة ضرورية لأن يكون هو «الخيار الأول» في تعليمنا، فضلاً عن قناعة المعلمين وقادة التعليم في وطننا العزيز.
التعليم الجيد هو من حقق التقدم والتطور والازدهار لكل الأمم والشعوب والمجتمعات، لذا آن له أن يكون في صدارة «الباقة الذهبية» التي ستُحقق رؤية هذا الوطن.