#تويتر هو الخطر الأكبر
يبدو أن الإعلام الجديد، ومواقع التواصل الاجتماعي تحديداً، لم تعدّ مجرد منصات/ شبكات لتبادل الأخبار والأحداث والمواقف والقصص والشائعات والأكاذيب، لكنها أصبحت أداة فاعلة وحقيقية لتشكيل وتوجيه وتكوين المزاج العام للمجتمع. وليت هذا القدر الهائل من السيطرة والهيمنة والاستلاب الذي تُمارسه هذه «المواقع المؤنسنة» على مفاصل/ تفاصيل الحياة، هو نهاية المطاف، لكنه مجرد «جسر عبور» لما هو أكثر خطراً وأشد كارثية.
مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة التي أصبحت «متلازمة حياة»، هي إحدى أهم أذرع مشروع «العولمة الكونية» الذي حوّل حياتنا إلى قرية/ شاشة إلكترونية صغيرة جداً.
الفيس بوك وتويتر وإنستغرام وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي، هي من تقود وتوجّه وتُحدّد بوصلة الحياة على كوكب الأرض، حيث تُشير الدراسات والتقارير الموثوقة إلى أن هذه التطبيقات والوسائط هي الأكثر استخداماً وتأثيراً على مدمني الإنترنت الذين يُمثلون الأغلبية في كل دول العالم.
وفي المملكة، يُعتبر موقع تويتر للتدوينات القصيرة هو الأكثر قرباً لقلوب وعقول السعوديين بمختلف أعمارهم ومستوياتهم، بل هو الأكثر ملاءمة للمزاج والسلوك العام في المجتمع السعودي. وبحسب منصة Crowd Analyzer وهي أول منصة عربية تختص برصد ومراقبة وتحليل البيانات على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، فإن عدد المستخدمين السعوديين النشطين لتويتر 11 مليون مستخدم، نصيب الذكور منهم سبعة ملايين، والإناث أربعة ملايين.
لقد أصبح تويتر بالنسبة لنا نحن السعوديين، الشاشة الكبيرة التي نُشاهد فيها عالمنا المحلي، إضافة إلى العوالم الأخرى. في تويتر نتصفح الأخبار ونقرأ الأحداث ونتعاطف مع المواقف وننسج القصص ونتبادل الشائعات ونكوّن القناعات، والأخطر من كل ذلك هو إطلاق الأحكام وممارسة الوصاية وتسقيط الآخر.
تويتر الآن، أصبح في «فوهة» الأحداث، كل الأحداث، وتحوّل إلى صوت/ سوط مُشهر في وجه كل من يُمارس حقه في الاختلاف، وأصبح نقطة تجمع/ هاشتاق لنصرة فكرة هنا أو شيطنة قضية هناك.
تويتر، أحد إفرازات العصر الحديث الذي تغيرت فيه كل قواعد وتقاليد وأعراف الحياة بكل ألوانها ومستوياتها، ولكن خطورة تويتر تكمن في ممارسته أدوار ووظائف أكبر بكثير من قدراته وإمكاناته.
تويتر، ساهم بشكل كبير في فضح وكشف وتعرية الكثير من الملفات والتجاوزات والتعديات، وأصبح العين الثالثة/ الثاقبة للمسؤول وصانع القرار، ولكنه في المقابل، ساحة واسعة للأكاذيب والإشاعات والاتهامات، فلا يجب أن يُمارس دوراً أكبر منه في حسم الخلافات وفض المنازعات وإطلاق القرارات.
تويتر، وسيلة رائعة لمشاهدة الحياة بكل الزوايا والأبعاد والاتجاهات، لا أن يتحوّل إلى مطرقة إدانة أو تصفية حسابات أو شيطنة الآخر.