علي الهويدي.. الفنان الملهم
تعرفت في بداية صباي على قامة تشكيلية من منطقتي الشرقية ومن مدينة سيهات، الفنان الخلوق علي الهويدي، في تلك المرحلة من العمر كانت المدارس الفنية تتميز بأصحابها، فكان الهويدي مُقل في إنتاجه الفني لصعوبة تلك الأعمال الفنية الدقيقة في تفاصيلها، فهي تستهلك الكثير من الوقت في التنفيذ، وكذلك المزيد من الراحة والاستقرار، أمضى سنوات عديدة في المحترف الفني في الظل، لا يبحث عن الضوء وفلاشات الكاميرات، حتى جاء الوقت لإقناعه بإقامة معرض شخصي لأعماله، وكان المعرض الوحيد واليتيم في مسيرته الفنية.
تتلمذ العديد من الفنانين في المنطقة الشرقية على يد الفنان الملهم علي الهويدي، ولم يذكروا في سيرتهم الفنية أنهم تتلمذوا على يده، وكان هذا مدعاة للفخر والاعتزاز لتجربته الفنية والغنية، التي ساهمت في تطوير الحركة التشكيلية في المنطقة والمملكة، وكان لصديقه الوفي الفنان عبدالله مهدي الدور الكبير في التواصل مع الحركة التشكيلية، وكانا في وصال جميل معنا، فكنا في كل مساء جمعة نلتقي في مرسمي، نتداول الحديث حول الفن والتجارب الفنية، كان مرسمي مفتوحاً للجميع طوال العام نلتقي فيه مع ضيوف المنطقة وفنانيها، وبعد زيارتي لكل معرض خليجي أو عربي كان الهويدي السباق للزيارة بعد العودة لمعرفة الجديد حول المعرض، وحينها يحظى على نسخة من كتيب المعرض، لأنني كنت أضع نسخ الكتيبات الحديثة على الطاولة ومن سبق لبق، وكان من أكثر الفنانين حرصاً على المعرفة الثقافية.
انقضى ذلك الزمن الجميل واختفى جيل الرواد والإلهام، وأصبح ذلك الجيل من زمن الطيبين، لكنهم لم يُذكروا حتى في مدنهم، وأصبحت أعمالهم الفنية في الغياب، قد تكون في مستودعات البيت، وقد تكون بعضها معلقة في المجلس والصالة.
من هنا يتوجب علينا أن نساهم في الاحتفاء بهم وبتجاربهم الفنية، علينا أن نساهم بتعريفهم للأجيال حتى تكون أسماؤهم مضيئة في سماء الفن والإبداع، وعلينا أيضاً أن ندعو وزارة الثقافة أن تحتفي بهم وتخصيص مساحة في كل محفل لهؤلاء الصفوة من الفن التشكيلي المحلي، وأن نرى متاحف الفنون في مناطق المملكة تحتضن أعمالهم الفنية ليزورها الجميع ويتعرف عليها الزوار والمهتمون والباحثون، وتكون منارة ثقافية تضيء سماء وطننا الغالي.