أروقة المقبرة.. «بين الرؤية والحقيقة»
ما حالك وأنت تدخل الجَبّانةُ بخطواتٍ مُتعثرةٍ؛ وأورادٍ مُتناثرة؛ وأتربة مُتطايرة؛ وحرارة مُنصهرة؟!
قد تكون الإجابة واضحة، والمعاني راجحة، في قلب ذاك الأب المفجوع بولده أو ابنته أو زوجته أو أُمه!
ولكن، كيف تتعالى الشهقات؛ وتتوانى الردهات؛ وتتوالى الدمعات؛ حيال هذا المفجوع؛ وذاك الذي أجهش بالبكاء لفراق والده؟
أجل، تقترب ناحية قبور من «بالأمس كانوا معي واليوم قد رحلوا.. وحلفوا سويد القلب نيراناً»..
لتقبض حفنة من التراب، وتشتمها حدَّ أن تستحضر كلامهم، وخوفهم، وتربيتهم، وحُبهم، وسهرهم، وتعبهم لأجلك..
وبين ذاك الساعي المُتشح بفطام السواد، ومُباهي السداد، ومُستغفل الرشاد، ومُستنزف العباد، بعدما انتهى من قراءة مأتم المواساة على حواف القبور المودعة، وأخذ الأجرة وطبع القُبلات، جاء يمشي برويةٍ وهدوءٍ بين المشاهد.. حيث أودعت القلوب هذا المُسجى، وذاك المُفدى!
نعم، المكان يضطرب، والهدوء يقترب، والأشجار متمايلة بالانحناء، وخافية بالالتواء، وما زال صاحبنا يرسل كلامه في جهازه النقال بقهقهة الغيبة، والضحكات المُريبة، والأكاذيب العزيبة بنص الخطاب ثلاث مرات:! «جماعة الرگي»
حقيقة اقشعر جسمي بالتعجب، والاستنكار، والتساؤل لكم وإليكم:
ــ كيف يُفسر لنا جنابه رواية «كفى بالموت واعظاً»؟!
ــ كيف يرى نفسه ذات يوم بين شواهد هذه القبور المُتهالكة والمُعتقة؟!
ــ كيف يُفسر لنا فضيلته حينما كان يوم أمس من أتباعهم؛ وما زال إلى اليوم من أهلهم وأنسابهم وأصهارهم، وأبناء عمومتهم؟!
ــ هل حدثنا سماحته عن موارد الغيبة وعناوين المُصيبة؟!
ــ ماذا يقول جنابه لمن يستجدي كلامه منهم في «كونوا زيناً لنا ولا تكونوا شيناً علينا»؟!
ــ هل للغيبة عند سماحته تقسيمات ومُعطيات خاصة وعامة بالتشفي والاحتقار؛ والمقرونة في «إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق»؟!
ــ ماذا يقول لنا فضيلته فيمن يستشهد بقولهم «الله الله في نظم أُموركم» على منابر المآتم؛ وبين من يستخف بكبار السن والشباب في أبسط الأمور وهو الالتزام بمسار ونظام الأفراح والأتراح؟!
ــ كيف يرى نفسه الآن بين «بصطات القرقيعان، وحلاوة الزهزهان»؟