جمعياتنا الخيرية بين النقد والعزوف
لدينا الكثير من الطاقات الشبابية التي تمتلك العديد من الصفات ما يؤهلها للإدارة، التي لا تقل شأنًا عن ما يتمتع به أصحاب الخبرة والرأي، قادرة على التطوير والبناء واتخاذ القرار، إنها تتمتع بالوعي والثقافة، الثقة بالنفس، حب المبادرة.
إن مجتمعًا يمتلك مثل هذه الطاقات والكفاءات البشرية التي تعتبر العمود الفقري لأي مجتمع من المجتمعات باتساع الأفق، وعليه هل يمكن أن تشكو من النقص في المستوى الخدمي لجمعياتها الخيرية، أو ما يسمى مجازًا العزوف من قبل الشباب؟!
إن العزوف واقع يرى، وذلك بالنسبة لعدد المتقدمين في مجلس الإدارة حال فتح باب الترشح، نظرًا لابتعاد الكثير من الشباب عن المشاركة، بالرغم أن لديهم من المهارات التي تخولهم لمثل هذا العمل الإداري التطوعي لمؤسساتهم الخيرية، إذًا، أين يكمن السبب في هذا العزوف والمشاركة في الأعمال التطوعية، خاصة الإدارية القيادية؟!، ومن المسؤول عن ذلك؟، الشباب أم الجمعيات الخيرية.
وفي الإجابة، سنتناول جانبين مهمين، الأول: غياب الوعي الجماهيري عن أهمية الأعمال التطوعية ودورها في التنمية البشرية، وخدمة المجتمع للارتقاء بالمستوى الخدمي، أيضًا ضعف المستوى المعيشي لدى الكثير من الشباب، وعدم توفر الفرص الوظيفية المناسبة، وإن توفرت تكون محدودية الدخل مما يسهم في عدم الإقبال على الأعمال التطوعية التي تكون عادة دون مقابل مادي، ضف على ذلك كثرة الأعباء الحياتية مما يدفع الكثير للبحث عن دخل إضافي، متحملاً زيادة ساعات العمل لتحسين المستوى المعيشي له ولأسرته، نقول: هذه نقطة من المفترض الالتفات لها من قبل الجمعيات الخيرية واستثمارها في استقطاب الشباب للعمل بمكافأة، ولو رمزية لضمان الإقبال.
الجانب الثاني: الجمعيات الخيرية وقلة الكوادر والكفاءات، يرجع إلى الضعف في بعض الجوانب الإدارية الذي يكون في كثير من الأحيان من غير قصد بسبب كثرة الأعباء مما يفقدها القدرة على وضع الأولويات المهمة والتي تتضمن المشاركة والتشاور وفق فريق عمل قائم على مبدأ العمل بآلية الانتماء المؤسسي، فإنه يلاحظ في بعض الجمعيات غياب مبدأ الحوافز والامتيازات التي يمكن من خلالهما إيجاد فرص للمشاركة في الأعمال التطوعية والإقبال عليها بكل أريحية، ولا نقول إنصافًا أن الحوافز لا توجد مطلقًا، ولكن ينبغي الاهتمام بها، لما لها من فاعلية، فربما يرجع هذا القصور في هذه الناحية إلى كثرة الأعباء الماديةوتزاحم المشاريع الخدمية لديها، كذلك الافتقار إلى الثقافة المعلوماتية والمعرفية التي تعتبر جانبًا مهمًا في إعداد المتطوع إداريًا، وتهيئته ليكون في المستقبل من أعضاء مجلس الإدارة، وذلك من خلال تفعيل عنصر الدراسة، وإقامة الدورات، وورشات العمل، البرامج التدريبة التي تصقل الجوانب المعرفية والعملية لدى المتطوع، خاصة في العمل الإداري، وفق أسس علمية وعملية منطقية، مواكبة للتطور، لزيادة النمو المهني لدى المتطوع حينها يستطيع أن يدير دفة السفينة، ويبحر بنجاح في المسار الصحيح، والمشاركة في اتخاذ القرار، فإنه مسؤولية جميع أفراد المؤسسة ليشعر الكل بأنه رئيس ومسؤول في آن معًا.
بدرية آل حمدان