أنا لستُ معاقاً
لنعطي المعاق هذه الكلمة ليكررها، فإن لها مفعول السحر، أحدثكم هنا عن الحاج عبدالكافي، وهو رجل ضرير طموح، لا أعرف عنه شيئاً سوى أنه يقرأ بأذنيه، يستمع ويتذوق ويشارك القراء، هذا الرجل من ليبيا حدثتنا عنه «مزامير السيدة ميم»، وهي قارئة محترفة للكتب الصوتية، ذكرت في تعليقات رواية فاوست للفيلسوف الأماني غوتة التي سجلتها أن هذا الضرير كان يختار لها جملة كتب لتقرأها على الآخرين.
أمثال عبدالكافي كثير، فهذا الرجل رغم أنه فقد بصره إلا أنه واكب الحياة بما يستطيع، أتخطر أني شاهدت رجلاً ضريراً يتنقل من مكان لآخر، ولا تعينه على طريقه إلا عصاته، وهناك من يقرؤون باللمس «طريقة برايل»، وهناك معاقون يكافحون الإعاقات، وهناك مناضلون أبهروا العالم رغم العمى،
كـ «أبي العلاء المعري، وطه حسين، وغيرهم».
«العازفون العميان»، لقب أطلقته على بعضهم وأنا شاهدت الجزيرة الوثائقية، يتحدث الفيام عن أشخاص لديهم القدرة على الكتابة السريعة بالكيبورد رغم العمى، أنها طريقة الطباعة باللمس، فحفظ أماكن الأحرف تقود للمهارة، السؤال: هل الاعاقة تمنع من التفاعل مع الحياة؟!، بعض الأمهات تتمنى لولدها الموت في حادث مروري لأنه معاق؛ ليستريح ويريح، هل هذا المنطق سليم؟!
البعض يصاب بوعكة صحيحة مفاجأة فتتعطل به الحياة ويضيق ذرعاً بهذه العاهة المباغتة، فماهو دورنا تجاهه؟!، هل نعين أم نشارك العاهة في قهره؟!، هناك مواقف خصصت لذوي الاحتياجات الخاصة، وهذا حس انساني جميل، هناك عبارات راقية كوصفهم بـ «أصحاب الهمم»، هناك مشجعون يدفعون باتجاه التغلب على العاهة والإعاقة، فلماذا لا نكن نحن منهم؟!
كلمة يسيرة طيبة تدفع بها إنساناً من وحل اليأس إلا قمة الطموح، قصة الضفدعة الصماء تعلمنا أهمية التشجيع، فلماذا لا نجرب ثقافة التشجيع؟!، حينما تشاهد مريضاً أغرس في جوفه الأمل وقل له: اليوم أنت أحسن، ما شاء الله تقدمت كثيراً، ثقافة التشجيع والإيحاء تساهم في تخطي العقبات، فلماذا لا نجرب آثار هذه الكلمة؟!
لماذا لا نقرأ حياة العباقرة ونستلهم منهم طريق الإبداع، ذات مرة
حدثني أحد طلابي بمعلومة لم أكن أعرفها، وهي أن صاحب السيمفونية الشهيرة بتهوفن كان أصماً لا يسمع الأصوات!!، فلماذا نعرقل الطريق أمام المبدعين بمزيد من الإحباط؟!.