لماذا يُحارب مشاهير السوشيال ميديا؟
لا توجد قضية أثير حولها الكثير من اللغط والجدل في المجتمع السعودي خلال الفترة الزمنية الحالية، كقضية مشاهير السوشيال ميديا، هذا العالم المسكون بكل مظاهر وملامح الشك والريبة والاختلاف. ولأن مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة والمثيرة، تُعدّ من المنصات والمنابر الإلكترونية الأكثر شعبية واستخداماً في جميع أنحاء العالم، فتأثيراتها وتردداتها وتموجاتها على كل أفراد ومكونات المجتمع، يصعب وصفها وتحديدها، فضلاً عن صدها أو إيقافها.
والكتابة عن هذه الشبكات المؤنسنة التي تُسيطر وتتحكم في كل تفاصيل حياتنا، الصغيرة والكبيرة، تحتاج للكثير من المقالات والدراسات والتقارير، لا إلى مقال محدود كهذا، فهي لم تعدّ مجرد مواقع افتراضية تُصيغ وتُشكّل وتوجه فكرنا ومزاجنا وسلوكنا، ولكنها الآن وبكل قوة وتأثير وخطورة، تقود حياتنا.
واقع هذه الطبقة المجتمعية الجديدة - مشاهير السوشيال ميديا - وحقيقة الصورة التي يحملها المجتمع بأفراده وشرائحه لهؤلاء المشاهير الجدد، هو ما سأحاول أن أكتبه فيما تبقى من هذا المقال.
هؤلاء المشاهير الجدد الذين يتصدرون المشهد المجتمعي الآن، يُمثلون ظاهرة إنسانية مغايرة لم تعهدها المجتمعات من قبل، فقد استطاعوا أن يكسروا كل قواعد ومراحل عالم الشهرة والأضواء والمال والذي كان عادة لا يسمح بالظهور والبروز إلا وفق ضوابط وآليات تقليدية رسخها المجتمع.
مشاهير السوشيال ميديا، حقيقة ماثلة لا يمكن إنكارها، وما يُقدمه بعضهم من خدمات ومبادرات إنسانية ملهمة تستحق الإعجاب والفخر، ومحاولة التقليل من شأنهم أو شيطنتهم من قبل البعض مسألة لا تخلو من الحسد والغيرة وتغطية مفضوحة لحالة الكسل والجمود التي تُعاني منها الأوساط الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. وفي المقابل، يجب على مشاهير السوشيال ميديا - لا سيما المؤثرين منهم - التحلي بالمسؤولية والوعي والأمانة والصدق، فما يتم تداوله من تغريداتهم ولقطاتهم وفيديوهاتهم، يلقى أصداء واسعة من عشاقهم ومتابعينهم في كل البيوت والمدارس والمكاتب.
النجاح والأضواء والشهرة والمال وكل ملامح الثراء والبذخ والتميز التي يتمتع بها مشاهير السوشيال ميديا، لا يجب أن تُشكّل مانعاً لقبولهم، طالما هم يعملون وفق الضوابط والقوانين والأعراف، ولكن الأهم هو أن يستخدم هؤلاء المشاهير مواقعهم ومنصاتهم وقنواتهم بشكل يُفيد المجتمع، عبر نشر وترسيخ القيم الأصيلة التي تُسهم في تنمية ونهضة المجتمع.