من المسؤول عن كل هذا العنف؟
يبدو أن العنف بمختلف أشكاله ومستوياته، لم يعد مجرد ظاهرة عالمية خطيرة تستحق الاهتمام والحذر، فضلاً عن المواجهة والمكافحة، لكنها تحوّلت إلى ”قضية أممية“ تتصدر أولويات واستراتيجيات الدول والمنظمات الدولية والمؤسسات المجتمعية في كل العالم.
ودائرة العنف التي أصبحت كبيرة وواسعة جداً، وتطال كل ملامح وتفاصيل حياتنا، بدأت تتشكل وتتمدد لتصل للكثير من ممارساتنا وقناعاتنا، وعندما تكمن الخطورة ويزداد التأثير، لتجد هذه الآفة الفتاكة العديد من الحواضن والملاذات بشكل طبيعي وآمن.
وبعيداً عن فخاخ التعريفات والتوصيفات، فالعنف بكل صوره اللفظية والجسدية والنفسية والروحية والعاطفية والأسرية والمجتمعية والتنمرية والجنسية، هو ممارسة القوة والإكراه ضد النفس أو ضد أي شخص آخر بصورة متعمدة أو إرغام وإجبار الفرد على إتيان هذا العمل نتيجة لشعوره بالألم بسبب ما يتعرض له من أذى.
والكتابة عن العنف وأنواعه وأسبابه وعلاجاته، تستحق الاهتمام والدراسة، لأنه - أي العنف - يُمثّل سرطاناً مدمراً ينخر في جسد الأمم والشعوب والمجتمعات، ولكنها - أي الكتابة - تحتاج للكثير من المقالات والدراسات والتقارير والتجارب والشراكات، لا إلى مجرد مساحة محدودة كهذا المقال.
ولا يمكن الكتابة أو الحديث عن العنف، دون التطرق إلى أكثر المتضررين من ممارسته، الأطفال والنساء. وقد أظهر آخر استطلاع أجراه المركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام في المملكة العربية السعودية، بأن العنف ضد المرأة والطفل هو الأكثر، بل وفي تزايد مستمر.
أما أسباب العنف، فهي بلا شك كثيرة، ولكن أهمها: المشكلات والتصدعات الأسرية والشعور بالنقص والحرمان والأحباط واليأس وإدمان الكحول والمخدرات والبطالة والفقر وغياب الوعي وسيادة الفوضى المجتمعية وترسيخ مشاهد العنف والدماء في الإعلام والفن.
إن العنف المتمثل بممارسة الاعتداء والإيذاء والضرب والتحرش والاختطاف والتهديد والتنمر والشتم وغيرها من صور ووسائل العنف، هي قنابل موقوتة لتدمير الأمم والأوطان.
ولكن، كيف نحمي شبابنا من العنف؟. المقال القادم سيُحاول الإجابة على هذا السؤال الكبير.