زيارة الاربعين بحجم العالم
بين آهاتي ودمعاتي، فتحت أوراقي لأحكي ما جرى يوم مواراة الاجساد الطاهرة. عن أي جرح أبدأ وأي فاجعة اكتب..؟ فغص قلمي بدمع الألم واختنق بعبرتي، ليحكي ما جرى في تلك البقعة التي تحولت من أرض قاحلة الى جنة عامرة.
ها هي الرمال الحارقة، لم تعد حارقة بعد الآن، بل تلمسها تراها ندية بالرغم من حرارة الشمس، إنها دموع الرمال قد تفجرت عيونها حزنا لما جرى يوم الطفوف، وتمتزج دموعها بعطر ملكوتي تنتشي منها الأرواح، يرتفع ليعانق نور السماء فتحن ملائكة الرحمن لذلك العطر الملكوتي، فتستأذن وتنزل لتتعطر، وتتعفر بتلك الرمال.
سألتكِ يا رمال: أي نور تعكسين للسماء السابعة.؟! فتنوح لرؤيته سكان السماوات قبل الأرضين.؟! وترتشف منك ملائكة الجنان عبيرا ينعش الضمير. أيتها الرمال حدثيني أي سر تحملين.؟ وأي كنز تحتوين.؟ وأي جسد تضمين.؟ وكل يوم لأجلهم تنوحين.؟ ويؤلمك نياح الباكين والمحبين.؟ الزائرين اليك بالملايين.؟!
هذه رمال كربلاء اصبحت منارا للعالم، ولماذا اصبحت زيارة الاربعين بحجم العالم؟ لأن الحسين بحجم العالم!.
لأن الإسلام الصحيح كان في دم الحسين حين اثبت للعالم إن ما قدمه من قربان لله هو من اجل الإسلام «حسين مني وأنا من حسين» قالها الرسول الكريم ليثبت باليقين إن الإسلام الذي اظهر الرسول «صلى الله عليه واله وسلم» للإنسانية جمعاء قد شقه الأشقياء والباغين والطامعين والحاقدين. أظهره الحسين بتقديم دمه للسما. لذا ولد الإسلام باستشهاد أبا الأحرار واخذ يتسع ويشع نور ثوريتها الخلاقة منذ رجوع رأسه الشريف بعد أربعين يوما. من هنا بدأ الإسلام بالحسين ولو تعمقنا قليلا سنجد بداية الإسلام بشخصية الرسول الأعظم فصدق الرسول صلى الله عليه واله وسلم حين قال: «حسين مني وأنا من حسين».
ليس نحن بهدف التوضيح أو الشرح. نحن نشاهد على مرأى البصر كيف أصبح الحسين امة مسلمة يجمعها هدف واحد هو تجديد البيعة لحبيب رب العالمين محمد صلى الله عليه واله وسلم الذي جعل من دماء آل بيته طريقا واحدا للإسلام وهو طريق الجنة التي يتنافس عليها المتنافسون. وها هي أنضار العالم اليوم تتجه نحو كربلاء لتشاهد الزحف المليوني وهي تتحدى كل أنواع الإرهاب وتعبر عن حبها وولائها المطلق بعالمية التوجه لزيارة الأربعين.
وتعتبر مسيرة الأربعين في ذاتها اعلاماً حسينياً ثقافياً متميزاً لنشر مفاهيم وأهداف القضية الحسينية بأبعادها الإنسانية المختلفة، لتثبيت جذورها وبيان فضائلها، وفارقة اجتماعية سجلتها وحدة مقصد الأمواج البشرية صوب الرمز الروحي والإنساني الخالد لها
إن هذه الزيارة أريد لها أن تكون مدرسةً عقائديةً وتربويةً وأخلاقيةً، وهي تحمل الكثير من كنوز العلم والمعرفة والعقائد الحقَّة والأخلاق الحسنة والسلوك الطيّب ومعاني الولاء الصادق فحريٌ بنا أن نأخذ منها هذه الكنوز وننتهل من معينها
طالما هذا الحس الحسيني يتواصل بهذه البحر السائر الهادر باتجاه كربلاء من كل حدب وصوب علامة على إن حكومة الحسين جاهزة أن تلقن الباغين درسا في الأخلاق والتواضع والشموخ والجبروت.. وها هي أعلام الغرب والعرب تحمل بأكف أهلها وهم يصرخون يا حسين. فتثير أربعينية الحسين العديد من التساؤلات لمن لا يعرف من هو الحسين. اختلفت الثقافات ولكن ثقافة الحسين بفكرها وعقيدتها بقيت تنير بظلالها معارف السماوات والأرض.
جاؤوا برأسك يا ابن بنت محمد... مترملا بدمائه ترميلا قتلوك عطشانا ولم يترقبوا... في قتلك التنزيل والتأويلا وكأنما بك يبن بنت محمد. قتلوا جهارا عامدين رسولا ويكبرون بأن قتلت وإنما... قتلوا بك التكبير والتهليلا.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين.
إن فلسفة كربلاء وطفها لا يمكن اختزالها بشخوص آل أمية وقدرتهم على حسم المعركة لصالح كثرتهم، ولكن اللافت أن يوم العاشر استطاع أبو عبدالله ع أن يغير سيناريو المعركة عموماً، فمعركة الطف لم تتغير ولكن كربلاء اليوم أصبحت قبلة ودرساً للأحرار في كل زمان ومكان، وأصبح قبر رجل تقطعت أوصاله وبقيت ثلاثة أيام في رمضاء كربلاء، لتحكي للأجيال قصة هذه الملحة. والتي اصبحت خالدة يتوارثها الاجيال.
اللهم ارزقني شفاعة الحسين يوم الورود، وثبت لي قدم صدق عندك مع الحسين، وأصحاب الحسين، الذين بذلوا مهجهم دونالحسين .